وَمَعْلُومٌ قَطْعًا: أَنَّ هَذِهِ
التَّسْوِيَةَ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللهِ فِي كَوْنِهِ رَبَّهُمْ
وَخَالِقَهُمْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا كَمَا أَخْبَرَ اللهُ عَنْهُمْ مُقَرِّينَ
بِأَنَّ اللهَ - تَعَالى - وَحْدَهُ هُوَ رَبُّهُمْ وَخَالِقَهُمْ وأَنَّهُ رَبُّ
السَّمَاواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، وَأَنَّهُ - سُبْحَانَهُ -
هُوَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ يُجِيرُ وَلاَ يُجَارُ
عَلَيْهِ. وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ - تَعَالَى
- في المَحَبَّةِ وَالعِبَادَةِ؛ فَمَنْ أَحَبَّ غَيْرَ اللهِ - تَعَالَى -
وَخَافَه وَرَجَاهُ وَذَلَّ لَهُ كَمَا يُحِبُّ اللهَ - تَعَالَى - وَيَخَافُهُ
وَيَرْجُوهُ، فَهَذَا هُوَ الشِّرْكُ الَّذِي لاَ يَغْفِرُهُ اللهُ؛ فَكَيْفَ
بِمَنْ كَانَ غَيْرُ اللهِ آثَرَ عِنْدَهُ مِنْهُ، وَأَحَبَّ إِلَيْهِ وَأَخْوَفَ
عِنْدَهُ، وَهُوَ فِي مَرْضَاتِهِ أَشَدُّ سَعْيًا مِنْهُ فِي مَرْضَاةِ اللهِ؟!.
****
الشرح
قوله
رحمه الله:
«وَمَعْلُومٌ قَطْعًا: أَنَّ هَذِهِ
التَّسْوِيَةَ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللهِ فِي كَوْنِهِ رَبَّهُمْ
وَخَالِقَهُمْ» فهم لم يسووهم بالله في الربوبية، وإنما سووهم بالله في
الألوهية والعبادة، فعبدوهم مع الله.
قوله
رحمه الله:
«فَإِنَّهُمْ كَانُوا كَمَا أَخْبَرَ
اللهُ عَنْهُمْ مُقَرِّينَ بِأَنَّ اللهَ -تَعَالى- وَحْدَهُ هُوَ رَبُّهُمْ
وَخَالِقَهُمْ» فهم معترفون بالله ربًّا، كما جاء في القرآن.
قوله رحمه الله: «وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ - تَعَالَى - في المَحَبَّةِ وَالعِبَادَةِ» فهم سووهم بالله في المحبة والعبادة، لا في الربوبية، ويقولون أيضًا: «هم شفعاء، هم رجال صالحون، ونحن عندنا ذنوب؛ فهم يشفعون لنا عند الله»! وإلا فهم يعترفون بأنهم لا يخلقون، ولا يرزقون، ولا يدبرون شيئًا في الكون.