وَهَكَذَا الأَمْرُ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ، لاَ
فَرْقَ بَيْنَ الخَلْقِ وَالأَمْرِ، لاَ فَرْقَ فِي نَفْسِ الأَمْرِ بَيْنَ
المَأْمُورِ وَالمَحْظُورِ، وَلَكِن المَشِيئَةُ اقْتَضَتْ أَمْرَهُ بِهَذَا
وَنَهْيَهُ عَنْ هَذَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُومَ بِالمأْمُورِ بِهِ صِفَةٌ
تَقْتَضِي حُسْنَهُ، وَلاَ بِالمَنْهِيِّ عَنْهُ صِفَةٌ تَقْتَضِي قُبْحَهُ.
وَلِهَذَا
الأَصْلِ لَوَازِمُ وَفُرُوعٌ كَثِيرَةٌ.
****
الشرح
وأول
من صدرت عنه المقالة: الجعد بن درهم.
قوله
رحمه الله:
«وَهَكَذَا الأَمْرُ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ،
لاَ فَرْقَ بَيْنَ الخَلْقِ وَالأَمْرِ» فالخلق هو الأمر، والأمر هو الخلق، لا
يفرقون بين هذا وهذا، ويعنون بالأمر الشرع، والخلق: هو التكوين والإيجاد؛ فليس
عندهم فرق بين هذا وهذا، والله عز وجل قال: {أَلَا لَهُ ٱلۡخَلۡقُ وَٱلۡأَمۡرُۗ
تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ}
[الأعراف: 54]؛ فالذي خلق هو الذي يأمر عباده وينهاهم؛ لحكمة ولغاية ولثمرة.
قوله
رحمه الله:
«لاَ فَرْقَ فِي نَفْسِ الأَمْرِ بَيْنَ
المَأْمُورِ وَالمَحْظُورِ» يعني: الحلال والحرام، لا فرق في ذلك عندهم؛ لأنه
ليس هناك حكمة عندهم أصلاً، فجائز عندهم أن الله يأمر بالشرك، ويأمر بالزنا، ويأمر
بالمعاصي، هذا جائز عندهم، وأن ينهى عن الصلاة والزكاة، فهذا راجع إلى مشيئته وإلى
إرادته فقط، من غير فرق بين أمر ونهي، وبين حلال وحرام، وبين طاعة ومعصية.
قوله رحمه الله: «وَلَكِن المَشِيئَةُ اقْتَضَتْ أَمْرَهُ بِهَذَا وَنَهْيَهُ عَنْ هَذَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُومَ بِالمأْمُورِ بِهِ صِفَةٌ تَقْتَضِي حُسْنَهُ» فقط يقولون: «يفعل لمجرد المشيئة»، لا لأن المنهي قبيح، والمأمور به حسن،