قَولُه رحمه الله تعالى: «وقُلْ
إنَّما الإِيمانُ قَولٌ ونيَّةٌ»: هَذَا القول الثَّالِث، يعني: اتْرُكْ
رَأْيَ الخَوارِج، واتْرُكْ رَأْيَ المُرجِئَة، وقُلْ قَولَ أَهلِ السُّنَّة
والجماعة: الإيمان قَولٌ باللِّسانِ، واعتِقادٌ بالقَلبِ، وعَمَلٌ بالجَوارِح،
يَزِيد بالطَّاعة ويَنقُص بالمَعصِيَة.
هذا تعريفُ
الإِيمانِ الكَامِلِ، المَأخُوذ من الأَدِلَّة لا من الأَهواءِ والأَفكارِ، فالإِيمانُ
يتكوَّن من هَذِه الأَربعَة:
1- قَولٌ باللِّسان.
2- واعتِقَاد
بالقَلبِ.
3- وعملٌ
بالجَوارِح.
4- يزيد بالطَّاعة
وينقُص بالمَعصِية.
فليس الإِيمانُ بالقَلبِ
فحَسْبُ، كما تَقُولُه الأَشاعِرَة.
أو الذين يقولون:
إنَّ الإِيمانَ هو الاعتِقَاد بالقَلبِ مع النُّطق باللِّسان، كما يقوله
الحَنَفِيَّة.
أو هو النُّطقُ
باللِّسانِ فحَسبُ كما تقوله الكَرَّامِيَّة.
أو مُجَرَّد
المَعرِفَة بالقَلبِ! كما تَقُوله الجَهمِيَّة. فيَلزَم عَلَى هَذَا المَذهَب
الخَبيثِ أن يكون فِرعَون مُؤمِنًا؛ لأنه يَعتَرِف بقَلبِه بما جاء به موسى عليه
السلام ﴿قَالَ
لَقَدۡ عَلِمۡتَ مَآ أَنزَلَ هَٰٓؤُلَآءِ إِلَّا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ﴾ [الإسراء: 102] فهو
مُعتَرِف بِهَذا بقَلبِه، ولَكِنَّه أَنكرَه بلِسانِه من باب الكِبْر والبَقاءِ
عَلَى مُلكِه، واستِكبَارًا عمَّا جاء به موسى عليه السلام.
وكَذَلِكَ المُشرِكون يَعتَرِفون بقُلوبِهم أنَّ محمَّدًا رسول الله، وأنَّه عَلَى الحقِّ، قال تَعالَى: ﴿ قَدۡ نَعۡلَمُ إِنَّهُۥ لَيَحۡزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَۖ فَإِنَّهُمۡ لَا يُكَذِّبُونَكَ