والشاهدُ من الآيتين
الكريمتين: أن فيهما إثبات الحديث والقِيل لله سبحانه، ففيهما إثبات الكلام له
سبحانه.
وقولُه تَعالَى: ﴿وَإِذۡ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَى ٱبۡنَ
مَرۡيَمَ﴾ أي: اذكر؛ ﴿وَإِذۡ قَالَ ٱللَّهُ﴾ جمهورُ المفسرين
ذهب إلى أن هذا القولَ منه سبحانه يكونُ يوم القيامة، وهو توبيخ للذين عبدوا
المسيح وأمه من النصارى، وهي كالآيتين السابقتين فيهما إثبات القول لله تَعالَى،
وأنه يقول إذا شاء.
وقولُه: ﴿وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدۡقٗا
وَعَدۡلٗاۚ﴾ المرادُ بالكلمة
كلامُه سبحانه، وقوله: ﴿ صِدۡقٗا ﴾ أي: في إخبارِه سبحانه، ﴿وَعَدۡلٗاۚ﴾ أي: في أحكامِه، و ﴿ صِدۡقٗا وَعَدۡلٗاۚ﴾ منصوبان على
التمييز، وفي الآيةِ إثباتُ الكلامِ لله تَعالَى.
وقوله: ﴿ وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِيمٗا ﴾ هذا تشريف لموسى
عليه السلام بأن الله كلمه، أي: أسمعه كلامه؛ ولهذا يقال له: الكليم، و﴿ تَكۡلِيمٗا ﴾ مصدر مؤكِّد لدفع
كونِ التكليمِ مجازًا؛ ففي الآية إثبات الكلام لله، وأنه كلَّم موسى عليه السلام.
وقوله تَعالَى: ﴿ مِّنۡهُم مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُۖ﴾أي: من الرُّسُل عليهم الصَّلاة والسَّلام، ﴿ مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُۖ﴾أي: أسمعه كلامه بلا واسطة، يعني: موسى ومُحمَّدًا عليهما الصَّلاة والسَّلام، وكذا آدم، كما ورد به الحديث في «صحيح ابن حبان» ([1])، ففي الآية: إثبات الكلام لله تَعالَى، وأنه كلم بعض الرُّسُل.
([1]) أخرجه: ابن حبان رقم (6162).