كما جاء ذلك في
القرآن الكريم. وهو على نوعين: آَخِذٌ كتابَه بيمينه، وهو المؤمنُ. وآخِذٌ كتابَه
بشمالِه أو مِن وراء ظهره وهو الكافرُ -بأن تُلْوَى يدُه اليُسرى من وراء ظهره،
ويُعطى كتابَه بها- كما جاءت الآيات بهذا وهذا، ولا منافاةَ بينهما؛ لأنَّ الكافرَ
تُغَلُّ يُمنَاه إلى عنقِه، وتُجعلْ يُسراه وراءَ ظهرِه فيَأخذ بها كتابَه.
ثمَّ استدلَّ
الشَّيخُ بقوله تَعالَى: ﴿وَكُلَّ إِنسَٰنٍ أَلۡزَمۡنَٰهُ طَٰٓئِرَهُۥ فِي عُنُقِهِۦۖ﴾ الآية، و﴿ طَٰٓئِرَهُۥ﴾ ما طَارَ عنه من
عمله من خير وشر ﴿ فِي
عُنُقِهِۦۖ﴾ أي: يُلزم به
ويُجازَى به، لا مَحِيدَ له عنه، فهو لازمٌ له لزومَ القِلادَةِ في العُنُقِ. ﴿ وَنُخۡرِجُ لَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ
كِتَٰبٗا يَلۡقَىٰهُ مَنشُورًا ﴾ أي: نجمع له عملَه
كلَّه في كتابٍ يُعْطَاه يوم القيامةِ، إمَّا بيمينه إنْ كان سعيدًا، أو بشماله
إنْ كان شقيًّا. ﴿ مَنشُورًا ﴾ أي: مفتوحًا يقرأه هو وغيرُه. وإنَّما قال
سبحانه: ﴿ يَلۡقَىٰهُ مَنشُورًا ﴾ تعجيلاً للبُشرَى
بالحسنة، والتَّوبيخِ على السَّيئةِ. ﴿ ٱقۡرَأۡ كِتَٰبَكَ﴾ أي: نقولُ
له ذلك، قيل: يقرأ ذلك الكتابَ مَن كان قارئًا، ومَن لم يكن قارئًا ﴿كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ ٱلۡيَوۡمَ عَلَيۡكَ
حَسِيبٗا﴾ أي: حاسبًا. وهو
منصوبٌ على التَّمييز، وهذا أعظمُ العدلِ؛ إذ جعله حَسِيبَ نفسِه، ليَرى جميعَ
عملِه لا يُنْكِرُ منه شيئًا.
والشَّاهدُ من الآيةِ الكريمة: أنَّ فيها إثباتُ إعطاءِ كلِّ إنسانٍ صحيفةَ عملِه يومَ القيامة؛ يَقرؤُها بنفسه، ويَطَّلعُ عليها هو، لا بواسطةِ غيرِه. ١٣