×
شرح العقيدة الواسطية

وقوله: «وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر» هكذا وَرَدَ عددُهم في «صحيح البخاري». وقوله: «اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» قال ابنُ القَيِّم في «الفوائد»: «أُشكِلَ على كثيرٍ من النَّاس معناه، ثمَّ ذَكَرَ الأَقوالَ في ذَلكَ. ثمَّ قالَ: فالَّذي نظنُّ في ذلك واللهُ أعلمُ أنَّ هذا خطابٌ لقوم قد علم اللهُ سبحانه أنهم لا يُفارقون دينَهم، بل يموتون على الإِسْلام وأنهم قد يُقارفون ما يُقارفُه غيرُهم من الذُّنوب ولكنْ لا يتركُهم سبحانه مُصرِّين عليها، بل يوفِّقُهم لتوبةٍ نصوحٍ، واستغفار، وحسنات، تَمحُو أثر ذلك، ويكون تخصيصُهم بهذا دون غيرِهم؛ لأنه قد تحقَّق ذلك فيهم، وأنَّهم مغفور لهم، ولا يمنعُ ذلك كونُ المغفرةِ حصلت بأسباب تقوم بهم، كما لا يقتضي أن يعطلوا الفرائض؛ وثوقًا بالمغفرة. فلو كانت قد حصلت بدونِ الاستمرارِ على القيامِ بالأوامرِ لما احتاجوا بعد ذلك إلى صلاةٍ ولا حجٍّ ولا زكاةٍ ولا جهاد. وهذا محال». انتهى.

قال: «وبأنَّه لا يدخلُ النَّارَ أحدٌ بايعَ تحتَ الشَّجرة؛ كما أخبر به النَّبِي صلى الله عليه وسلم، بل لقد رضي اللهُ عنهم ورضُوا عنه وكانوا أكثرَ من ألفٍ وأربعمائة» هذا الكلامُ في شأنِ أهلِ بَيعةِ الرِّضوان، وهي البيعةُ التي حَصلتْ في الحديبية، حين صدَّ المشركون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن دخولِ مكة -كما سبق بيانُه قريبًا- وقد ذكر لهم الشَّيخُ مزيّتين:

الأولى: أنه لا يدخل النَّارَ أحدٌ منهم، ودليلُ ذلك ما في صحيح مسلم، من حديثِ جابر رضي الله عنه أنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ


الشرح