×
مَسائِلُ فِي الإِيمانِ

القِسم الثَّالِث: قوْلُ الفِرْقَةِ الَّتي تُقابِلُ الأشاعِرَةَ، وهم الكرامِيَّة الذين يقولون: إنَّ الإيمانَ نُطْقٌ باللِّسانِ، ولَوْ لَم يَعتَقِدْ بِقلْبِهِ. ولا شَكَّ أنَّ هذا قَوْلٌ باطِلٌ؛ لأنَّ المُنافِقينَ - الَّذِينَ هُم في الدَّركِ الأسفلِ مِنَ النَّارِ- يقولونَ: نشهَدُ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ، وأنَّ مُحمَّدًا رَسولُ اللهِ بألسِنَتِهِم، ويَعملُونَ بِجَوارِحِهم، ولكِنَّهُم لا يَعتقدُونَ ذلكَ، ولا يُصدِّقُونَ به في قُلُوبِهم، كما قال تعالى: {إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ ١ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ٢} [المنافقون: 1- 2] قال سبحانه وتعالى: { يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ} [الفتح: 11].

القِسم الرَّابِع: قولُ مُرْجِئَةِ الفُقهاءِ، وهُم أخَفُّ الفِرَقِ في الإِرْجاءِ الَّذِين يقولونَ: إنَّ الإيمانَ اعتقادٌ بالقَلبِ، ونُطْقٌ باللِّسانِ، ولا يَدخُلُ فيه العمَلُ، وهذا قَولُ مُرجِئَةِ الفُقَهاءِ، وهو قَوْلٌ غَيرُ صَحِيحٍ أيضًا؛ لأنَّهُ لا إيمانَ بِدُونِ عَملٍ.

·       السُّؤَالُ الخامِسُ:

هَل خِلافُ أَهلِ السُّنَّةِ مَع مُرجِئَةِ الفُقَهاءِ في أعمالِ القُلُوبِ أو الجوارِحِ؟ وهَل هو لَفْظِيٌّ أو مَعنوِيٌّ؟ نَرجُو مِن فَضِيلتِكُم التَّفْصِيلَ.

·       الجوابُ:

خِلافُ مُرجِئَةِ الفُقهاءِ مَع جُمهورِ أَهْلِ السُّنَّة هو اختلافٌ في عَمَلِ الجوارحِ، العَمَل الظَّاهر، كالصَّلاةِ والصِّيامِ والحج، فهم يقولونَ: إنَّهُ ليس مِنَ الإيمانِ، وإنَّما هو شَرطٌ للإيمانِ، إِمَّا شَرْط صِحَّةٍ، وإمَّا شَرْط كمالٍ. وهذا قَولٌ غَيْرُ صَحيحٍ -كَما عَرفنا- والخلافُ بينَهُم وبينَ جُمهورِ أهْلِ السُّنَّةِ خِلافٌ مَعنوِيٌّ، وليسَ خلافًا لَفظِيًّا؛


الشرح