لأنَّهُم يقولونَ: إنَّ
الإيمانَ لا يَزِيدُ، ولا يَنقُصُ بالأعمالِ؛ فلا يَزيدُ بالطَّاعَةِ ولا يَنقُصُ
بالمَعصِيَةِ، وإيمانُ النَّاسِ سَواءٌ. لأنَّهُ عِندهُم التَّصدِيقُ بالقلبِ مَع
القَولِ باللِّسانِ، وهذا قَولٌ غَيرُ صَحيحٍ -كما سبق- لأنَّ اللهَ سَمَّى
الصَّلاةَ [إيمانًا] {وَمَا
كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ} [البقرة: 143] أيْ: صلاتَكُم إلى بيْتِ المَقْدِسِ،
سَمَّى الصلاةَ إِيمانًا، وهي عَملٌ، وقالَ عليه الصلاة والسلام: «الإِْيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ -أَوْ بِضْعٌ
وَسِتُّونَ- شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ،
وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَْذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ
الإِْيمَانِ» ([1]) وهذه الشُّعَبُ
بَعضها قولٌ، وبَعضُها اعتقادٌ، وبَعضُها عَمَلٌ، وسَمَّاها كُلَّها إِيمانًا. فقالَ:
«الإِْيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ
شُعْبَةً» وَلَو كانَ شيئًا واحِدًا لَم يَتشعَّبْ.
· السُّؤَال السَّادِس:
ما حُكْمُ مَن تَرَكَ جَمِيعَ العَملِ الظَّاهِرِ بالكُلِّيَّةِ، لكِنَّهُ
نَطقَ بِالشَّهادَتَيْنِ، وَيقِرُّ بالفرائضِ، لكِنَّهُ لم يَعمَلْ شيئًا البَتَّةَ،
فهلْ هذا مُسلِمٌ أم لاَ؟ علمًا بأن ليسَ له عُذْرٌ شَرعِيٌّ يَمنَعُه مِنَ
القيامِ بتِلكَ الفرائضِ؟
· الجواب:
هذا لا يَكُونُ مُؤمِنًا، مَن كانَ يَعتَقِدُ بقلبِهِ، ويُقِرُّ بلسانِهِ ولكِنَّهُ لا يَعمَلُ بِجوارِحِه، وعَطَّلَ الأعمالَ كُلَّها مِن غيْرِ عُذْرٍ؛ فهذا ليسَ بِمُؤمنٍ؛ لأنَّ الإيمانَ -كما ذكرنا، وكما عرفه أهل السُّنَّةِ والجماعة أنَّهُ- قَولٌ بِاللِّسانِ، واعتِقادٌ بالقَلْبِ، وعَمَلٌ بالجَوارِحِ. لا يَحصُلُ الإيمانُ إِلاَّ بِمجمُوعِ هذه الأمورِ، فمَن تركَ واحِدًا منها فإنَّهُ لا يكونُ مُؤمِنًا.