×
مَسائِلُ فِي الإِيمانِ

·       الجوابُ:

هذا مِن الاستدلالِ بالمُتشابِهِ، وهذه طريقةُ أهْلِ الزَّيْغِ الَّذِينَ قال الله سبحانه وتعالى فيهم: {هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ مِنۡهُ ءَايَٰتٞ مُّحۡكَمَٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَٰبِهَٰتٞۖ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ} [آل عمران: 7] فيأخُذونَ الأدِلَّةَ المُتشابِهةَ، ويَتركُونَ الأدِلَّةَ المُحكمَةَ الَّتِي تُفسِّرُها، وتُبيِّنُها، فلا بُدَّ مِن رَدِّ المُتشابِه إلى المُحكَمِ، فيقالُ: مَنْ تَركَ العملَ لِعُذْرٍ شَرعِيٍّ، ولم يَتمكَّنْ مِنهُ؛ حتَّى ماتَ فهذا مَعذُورٌ، وعليه تُحمَلُ هذه الأحاديثُ؛ فَيُقالُ: هذا رجلٌ نَطقَ بالشَّهادتَيْنِ مُعتقِدًا لهما مُخلِصًا للهِ عز وجل ثُمَّ ماتَ في الحالِ، ولم يَتمكَّنْ مِنَ العملِ لكِنَّهُ نطقَ بالشَّهادَتينِ مع الإخلاصِ للهِ والتوحيدِ، كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ» ([1]) وقالَ: «فَإِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ» ([2])، هذا لم يَتمكَّنْ مِنَ العملِ مَع أَنَّهُ نطقَ بِالشَّهادَتينِ، واعتقدَ مَعناهُما، وأخلصَ للهِ عز وجل، لكنَّهُ لم يَبْقَ أمامَهُ فُرصَةٌ للعَملِ؛ حتَّى ماتَ فهذا هو الَّذِي يَدخُلُ الجَنَّةَ بالشَّهادَتينِ، وعليهِ يُحمَلُ حَديثُ البِطاقةِ وغَيرُهُ مِمَّا جاءَ بمعناهُ، وعليهِ يُحمَلُ حديثُ الَّذِين يَخرجونَ مِنَ النَّارِ، وهُم لم يَعملُوا خيرًا قَطُّ؛ لأنَّهُم لم يَتمكَّنُوا مِنَ العملِ مَع أنَّهُم نَطقُوا بالشَّهادَتينِ، ودَخلُوا في الإسلامِ. أمَّا مَنْ تَركَ الأعمالَ كُلَّها مُختارًا مع تَمكُّنِهِ منها فهذا لا يكونُ مُؤمِنًا، هذا هو الجمعُ بين الأحاديثِ.


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (23).

([2])أخرجه: البخاري رقم (415)، ومسلم رقم (33).