عَلَى أنَّهُ يَرَى جَوازَ هذا الشَّيءِ واستحلالِه؛ لأنَّهُ ما نَحَّاها،
وأحلَّ مَحلَّها القانونَ إِلاَّ لأنَّهُ يَرَى أنَّهُ أحْسنُ مِنَ الشَّريعَةِ،
ولو كانَ يَرَى أنَّ الشَّريعةَ أَحسَنُ مِنهُ لَمَا أزاحَ الشَّريعةَ، وأحَلَّ
مَحلَّها القانونَ، وهذا كُفْرٌ باللهِ عز وجل، وكذلك مَن أَبْقَى الحُكْمَ بقضايا
النِّكاحِ والمِيراثِ حَسَبَ الشَّريعَةِ؛ فهذا يُؤمِنُ بِبَعْضِ الكِتابِ،
ويَكفُرُ بِبَعْضٍ، يعنِي يُحَكِّمُ الشَّريعةَ فِي بَعضٍ، ويَمنَعُها في بعضٍ،
والدِّينُ لا يَتجزَّأُ، وتَحكِيمُ الشريعةِ لا يَتجزَّأُ، فلا بُدَّ مِن تطبيقِ
الشَّريعةِ تَطبِيقًا كامِلاً، ولا يُطبَّقُ بَعضُها، ويُترَكُ بَعضُها، قال
تعالى: {أَفَتُؤۡمِنُونَ
بِبَعۡضِ ٱلۡكِتَٰبِ وَتَكۡفُرُونَ بِبَعۡضٖۚ} [البقرة: 85]
· السُّؤَال السابع عشر:
ما حُكْمُ مَن يقولُ بِأنَّ مَن قالَ: إِنَّ مَن تَركَ العملَ الظَّاهِرَ
بالكُلِّيَّةِ -بما يُسمى عندَ بَعض أهلِ العِلْمِ بِجنسِ العملِ أنَّهُ كافِرٌ-
أنَّ هذا القولَ قالت به فِرقَةٌ مِن فِرَقِ المُرجِئَةِ؟
· الجواب:
هذا كما سبق أنَّ العملَ مِنَ الإيمانِ، فَمنْ تركَهُ يَكونُ تارِكًا
للإيمانِ، سَواءٌ تركَ العملَ كُلَّهُ نهائِيًّا؛ فلم يَعملْ شيئًا أبدًا، أو
أنَّهُ تركَ بَعضَ العَملِ؛ لأنَّهُ لا يَراهُ مِنَ الإيمانِ، ولا يراهُ داخِلاً
في الإيمانِ؛ فهذا يَدخُلُ في المُرجِئَةِ.
والعملُ قد يَزولُ الإيمانُ بِزوالِهِ كَتَرْكِ الصَّلاةِ، وَمِنه ما يَنقُصُ الإيمانُ بزوالِه كَبَقِيَّةِ الأعمالِ نَقصًا كبيرًا أو نَقصًا يَسِيرًا بِحَسبِ نَوعِيَّةِ العملِ.