· الجوابُ:
هذهِ الآيةُ تَدُلُّ عَلَى أنَّ مَن نَطقَ بكلِمَةِ الكُفْرِ مُكرَهًا
عليها، وهو غيرُ مُعتقِدٍ لها، وإنَّما قالها؛ لِيتخلَّصَ بها من الإِكْراهِ
أنَّهُ مَعذُورٌ. كما في قصة عمَّارِ بنِ ياسرٍ رضي الله عنه لمَّا أجْبَرهُ
المشركونَ عَلَى أن يَسُبَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وآذَوْهُ، وأبَوْا أن
يُطلِقُوهُ؛ حتَّى يَسُبَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فتكلَّمَ بلسانِه بما
يُريدونَ، وجاءَ يسألُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فقالَ: «كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ؟» قال: أجِدُ في قَلبِي الإيمانَ باللهِ
ورسولهِ ([1])، فأنزلَ اللهُ
تعالى: {مَن
كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِهِۦٓ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ
بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلۡكُفۡرِ صَدۡرٗا فَعَلَيۡهِمۡ غَضَبٞ مِّنَ
ٱللَّهِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ ١٠٦ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ
ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ
١٠٧} [النحل: 106 - 107]
فإذا قالَ الإنسانُ كلمةَ الكُفْرِ مُكرَهًا عليها يريدُ التَّخلُّصَ مِن الإكراهِ
فقط، ولم يُوافِق بقلبِهِ فإنَّهُ رُخصَةٌ رَخَّصَ اللهُ فيها للمُكرَهِ، وهذِه
خاصَّةٌ بالمُكرَهِ دُونَ غيرِهِ. وكذلكَ في قولِه: {إِلَّآ أَن تَتَّقُواْ
مِنۡهُمۡ تُقَىٰةٗۗ وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفۡسَهُۥۗ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلۡمَصِيرُ} [آل عمران: 28] أي
مِنَ الكُفَّارِ، فهذا في الإكراهِ، وأمَّا في غيرِ الإكراهِ فلا يَجوزُ
مُوافَقتُهُم ولا إِعْطاؤُهُم ما يَطلُبونَ مِن كلامِ الكُفْرِ أو مِن فِعلِ
الكُفْرِ.
· السُّؤَال الخامِسُ والعشرونَ:
ما حُكْمُ مُوالاةُ الكُفَّارِ والمُشركِينَ؟ وَمَتَى تَكونُ هذه الموالاةُ كُفْرًا أكبرَ مُخرِجًا عنِ المِلَّةِ؟ ومتَى تكونُ ذَنبًا وكَبِيرةً مِن كبائِرِ الذُّنوبِ؟.