صغيرًا ثم يكبر ثم يكبر ثم يتكامل، ثم ينقص ([1])؟ الله جل وعلا أجابهم بغير ما سألوا عنه، فقال: ﴿يَسَۡٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡأَهِلَّةِۖ قُلۡ هِيَ مَوَٰقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلۡحَجِّۗ﴾ [البقرة: 189] هم سألوا عن حقيقتها، وهو سبحانه أجابهم عن فوائدها، وأن هذا الذي ينبغي السؤال عنه، وأما السؤال عن حقيقة الشَّيء وكيف وكيف هذا ليس للنَّاس فيه مصلحة، ولذلك أعرض عن جوابهم لما سألوا وأجابهم بجواب آخر: {قُلۡ هِيَ مَوَٰقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلۡحَجِّۗ وَلَيۡسَ ٱلۡبِرُّ بِأَن تَأۡتُواْ ٱلۡبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنِ ٱتَّقَىٰۗ وَأۡتُواْ ٱلۡبُيُوتَ مِنۡ أَبۡوَٰبِهَاۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} [البقرة: 189]، قالوا: هذا فيه أنه ينبغي السؤال عن ما النَّاس في حاجة إليه، وأن هذه الأبواب التي ينبغي أن يدخل منها طالب العلم، ولا يأتي البيوت من ظهورها يدخلها من السطوح ومن تسلق الجدران! وهذا مِثل من يسأل عما لا حاجة إليه، أو فيه كُلفة وفيه تشكيك أو تشبيه، مِثل الذي يأتي البيت من سطحه ويتكلف، وأما الذي يفتح الباب ويدخل أو يستأذن على أهل البيت ويدخل هذا يأتي البيوت من أبوابها؛ فالعلم كذلك له أبواب ينبغي سلوكها لمن يريد طلب العلم. وقيل: إن معنى الآية أنهم كانوا في الجاهلية إذا أحرموا لا يدخلون البيوت من الأبواب وهم محرمون بزعمهم، وإنما يأتون البيوت من ظهورها! فالله نهاهم عن هذا الفعل، وبيّن أنه لا حرج أن يدخل الإِنسَان من الباب وهو مُحرم، ولا يتنافى هذا مع الإحرام، وإنما هذا من التكلف الذي ما أنزل الله به من
([1]) انظر: «أسباب النزول» للواحدي رقم (98).