×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الأول

 فصارت القبورُ أوثانًا تُعبد من دون الله، يُطاف حولها، ويُتبرك بها، مع ما يُرافق ذلك من الشِّرك كدُعاء الموتى والاستغاثة بهم لقضاء الحاجـات، وتفريج الكُربات؛ وكلُّ هـذا بإملاءٍ وترويجٍ من أعـداء الإسلام.

وممّا راج وانتشر كذلك: ظاهرة التقليد في الفقه، تقليدٌ يؤخذ فيه القول دون معرفة الدليل عليه، ودون تمحيصٍ وترجيحٍ بين الأقوال حسب الأدلة، وإنما كان الدليلُ عندهم هو ما يقوله الإمامُ، مع أنَّ الأصل في ذلك أنَّ الفقه يدور مع الدليل حيث دار، لا مع قول فلان؛ لأنَّ العلماء ليسوا معصومين من الزلل والخطأ والغفلة، فإنه قد يصدر عنهم أخطاءٌ في اجتهاداتهم وفتاويهم - وهم معذورون في ذلك إن أخطؤوا، لكونهم من أهل الاجتهاد - مع أنَّ الأصل في هذا هو أن نتّبع الدليل وندورُ حيث دار، دون النَّظَر إلى مَن قال به، فكل من جَـمُدَ على رأيٍ مستمسكًا بقول فلان دون النظر إلى الدليل كان متعصِّبًا ومقلِّدًا، وهذا ما كان سائدًا في تلك الفترة.

وفي هذا الجو المليء بهذه الفرق وتلك الفتن والبدع ظهر الشيخ أحمد ابن تيمية رحمه الله.

ولد شيخ الإسلام رحمه الله سنة (661هـ) في حرّان، وفي سنة (667هـ) أغار التتار على بلده، فاضطرت عائلته إلى ترك حرّان متوجهين إلى دمشق، وبها كان مستقر العائلة، ولقد سمّي بالحراني نسبة إلى منشأه حرّان.

وفي دمشق طَلبَ العلم على أيدي علمائها منذ صغره، فنبغ ووصل إلى مصافِّ العلماء من حيث التأهيل للتدريس والفتوى مع صغر سنه،


الشرح