ثم اختلف هؤلاء،
هل يُمنع من التذكية بسائر العِظام، عملاً بعموم العِلّة؟ على قولين في مذهب أحمد
وغيره، وعلى الأقوال الثلاثة: فقوله صلى الله عليه وسلم: «أَمَّا الظُّفُرُ
فَمُدَى الْحَبَشَةِ» بعد قوله: «سَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ» يقتضي أن هذا الوصف
- وهو كونه مُدى الحبشة - له تأثير في المنع، إما أنْ يكون عِلّة، أو دليلاً على
العلَّة، أو وصفًا من أوصاف العلَّة أو دليلها، والحبشة في أظفارهم طول، فيذكّون
بها دون سائر الأمم، فيجوز أن يكون نهيه عن ذلك لِـما فيه من مشابهتهم فيما يختصون
به. وأما العَظم، فيجوز أن يكون نهيه عن التذكية به كنهيه عن الاستنجاء به، لما
فيه من تنجيسه على الجن، إذ الدَّم نجس، وليس الغرض هنا ذكر مسألة الذّكاة بخصوصها،
فإنَّ فيها كلامًا ليس هذا موضعه.
***
قوله: «ثم اختلف
هؤلاء، هل يمنع من التذكية بسائر العظام...» خلاصة الأمر: أنَّ النبيّ صلى
الله عليه وسلم نهى عن التذكية بالظُّفُر لأنَّه مُدى الحبشة، ونحن منهيّون عن
التشبّه بهم لكونهم كفارًا، وهذا هو الظاهر من قوله صلى الله عليه وسلم.
قوله: «وأمّا العظم، فيجوز أن يكون نهيه عن التذكية...» يعني: يمكن أن يكون النهي لأجل أنَّه طعام إخواننا من الجن، كما جاء في الحديث الآخر من نهىه صلى الله عليه وسلم عن الاستجمار بالروث والعظم، وقال: «إنَّ الروث طعام لدوابهم والعظم طعام لهم»، فنحن نُهينا أن نفسد ذلك على إخواننا من الجنّ المؤمنين، طعامهم وطعام دوابهم.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد