وكذلك العَجَم -
وهم مَن سوى العربِ من الفُرس والرُّوم والتُّرك، والبَرْبرِ، والـحَبَشة، وغيرِهم
- ينقسمون إلى المؤمن والكافر، والبَرِّ والفاجرِ كانقسام الأعرابِ. قال الله
تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ
إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ
لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ
عَلِيمٌ خَبِيرٞ﴾ [الحجرات: 13]. وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إِنَّ
اللهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا
بِالآْبَاءِ، مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ، وَآدَمُ
مِنْ تُرَابٍ» ([1]).
***
العجم على اختلاف أجناسهم، من فرس وروم، وتُرك، وبربر وغير ذلك، هؤلاء جميعًا يقال لهم: العجم؛ لأنهم لا ينطقون اللغة العربية، وكلُّهم لا يدخلون في الذمِّ لمجرَّد كونهم عَجَمًا؛ لأنَّه لا تُذم العُجمة مطلقًا، وإنما تُذم في الجملة، مثل البادية، فمن العجم من هو خير من كثير من العرب. ولكن في الجملة، العرب أفضل من العجم، هذا من حيث العموم، أما من حيث الأفراد فعلى العكس، فقد يكون في أفراد العجم من هو خير من كثير من أفراد العرب، وهذا واقع في الأُمَّة من خلال الذين دخلوا في الإسلام من العجم. وقول الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ﴾ هذا خطاب لجميع بني آدم من العرب والعجم، والمؤمنين والكفار، وأهل البادية والحاضرة، والأغنياء والفقراء، والعلماء والجهال، الذكور والإناث، على اختلاف ألوانهم واختلاف ألسنتهم. فالناسُ في الأصل سواء، كلهم من ذكر وأنثى، إنما هذا الانقسام حصل فيما بعد، وإلاّ فهم من ناحية النسب سواء، لكن إنما يتفاضلون
([1])أخرجه: أبو داود رقم (5116)، والترمذي رقم (3955)، وأحمد رقم (8739).