فيبقى نقيًّا لا يتطرّق إليه شيء من بدع وضلالات
وأهواء.
قوله: «فليس بعد
حرصه على أمته ونصحه لهم غاية» يعني: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حرَّض أمته على
مخالفتهم، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا
عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ﴾ [التوبة: 128] فهو
حريص على أمته صلى الله عليه وسلم، بل حريصٌ على هداية الكفار، لأجل أن ينقذهم من
النار، لذلك كان يغتمّ ويهتمّ إذا رأى الكفار على عنادهم، حتى قال الله له جل وعلا:
﴿لَعَلَّكَ بَٰخِعٞ
نَّفۡسَكَ﴾ أي: مُهلك نفسك ﴿أَلَّا يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ﴾ وقال لذلك: ﴿فَلَعَلَّكَ بَٰخِعٞ
نَّفۡسَكَ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ إِن لَّمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ
أَسَفًا﴾ [الكهف: 6] فهذا من شديد حرصه صلى الله عليه وسلم على هداية الكفار، فكيف
بالمسلمين؟
قوله: «وكل ذلك من فضل الله عليه وعلى الناس...» أي: هذا من تمام فضل الله على هذه الأمة، أن رضي لها هذا الدين ويسَّر لها هذا النبي النّاصح لأمته، المشفق عليها تمام الإشفاق، حيث بالغ في تحذيرها من مهاوي الرّدى لتبقى أمة متميزة بدينها وعقيدتها وشريعتها.
الصفحة 5 / 355