واحتج الأثرم بما
دلَّ من النُّصوص المتواترة على صوم يوم السبت، ولا يُقال: يحمل النهي على إفراده؛
لأن لفظه: «لاَ تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلاَّ فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ»
والاستثناء دليل التناول، وهذا يقتضي أنَّ الحديث يعمُّ صومه على كل وجه، وإلاّ لو
أريد إفراده، لما دَخل الصَّوم المفروض ليستثني، فإنه لا إفراد فيه، واستثناؤه
دليل على دخول غيره، بخلاف يوم الجمعة، فإنه بيَّن أنه إنما نهى عن إفراده.
وعلى هذا فيكون
الحديث إما شاذًّا غير محفوظ، وإما منسوخًا، وهذه طريقة قدماء أصحاب أحمد الذين
صَحِبوه كالأثرم وأبي داود.
قال أبو داود:
حديث منسوخ، وذكر أبو داود بإسناده عن ابن شهاب أنه كان إذا ذكر له أنه نهى عن
صيام يوم السبت يقول ابن شهاب: هذا حديث حمصي، وعن الأوزاعي قال: ما زلت له كاتمًا
حتى رأيته انتشر بعد، يعني: حديث ابن بُسر في صوم يوم السبت.
قال أبوداود: قال
مالك: هذا كذب، وأكثر أهل العلم على عدم الكراهة.
****
هذه هي النتيجة مما سبق: أنَّ أكثر أهل العلم على عدم الكراهة، أي: عدم كراهة إفراد يوم السبت بالصوم؛ لأن الحديث الوارد في النهي عن صومه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل إنَّ بعض العلماء حكم بكذب راويه.