×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

ومنها إحياء المناسبات والذكريات وإقامة المهرجـانات، وما يتخللها من منكرات وقد صارت اليوم شغل الناس الشاغل حتى ألهتهم عن الانتفاع بخطب الجمع والأعياد والمواعظ والتذكير.

وقد حذَّر صلى الله عليه وسلم ممّا يُضاد الكتاب والسنة، فقال صلى الله عليه وسلم: «شَرُّ الأُْمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» فالمحدثات هي البدع.

والبدعة: هي ما أُحْدِث في الدِّين مما ليس منه، أما البدع في العادات، والمباحات، والملابس، والمآكل، والمساكن، وغير ذلك، فهذا لا بأس به، إنما البِدَعُ المنهي عنها ما كان في الدِّين، فالدِّين لا يغيَّر ولا يُزاد فيه ولا ينقص منه؛ لقوله تعالى: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ [المائدة: 3] فالإسلام اكتمل قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فالذي يأتي ببدع يحدثها إنما يتهم الله بأنه لم يكمّل الدِّين، فيكون مكذبًا لكلام الله سبحانه وتعالى لإضافته هذه البدع، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» ([1]) وفي رواية: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ([2]) أي: مردود عليه.

والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ» ([3]) إذًا فالبدعة: هي المحدثات في الدِّين، ولو كان أصحابها يقصدون التقرب إلى الله، ولو كانت نياتهم حسنة، فإنَّ هذا لا يُسَوِّغ


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (2697)، ومسلم رقم (1718).

([2])أخرجه: مسلم رقم (1718).

([3])أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).