×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

وروي أيضًا عن عائشة في حديث طويل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ»، قَالَتْ: قُلْتُ: كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «قُولِي: السَّلاَمُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلاَحِقُونَ» ([1]).

وروى ابن ماجه عن عائشة قالت: فَقَدْتُهُ، فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ، فَقَالَ: «السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ، وَنَحْنُ بِكُمْ لاَحِقُونَ، اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ، وَلاَ تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ» ([2]).

****

 

وهذا فيه أنَّ الله جل وعلا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأتي أهل البقيع، وهي مقبرة في المدينة شرقي المسجد النبوي دفَن فيها الصحابة رضوان الله عليهم، فأمره الله أن يأتيهم ويسلم عليهم، والمرأة إذا مرت بالقبور في طريقها تسلم عليهم وتقول هذا الدعاء.

وهذا أيضًا فيه معنى ما سبقه من الأحاديث في هذا الباب، والفَرَط يُطلق على الواحد والجمع؛ وقوله صلى الله عليه وسلم: «أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ» أي: المتقدِّمون، وأصله: الذي يسبق إلى الماء ليسقي الناس. فالمراد أنكم سبقتمونا إلى الدار الآخرة.


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (974).

([2])أخرجه: ابن ماجه رقم (1546).