وبالجملة فالعلم بأنَّ هذا كان هو السبب، أو بعض
السبب، أو شرط السبب في هذا الأمر الحادث قد يُعلم كثيرًا، أو قد يُظن كثيرًا، وقد
يُتوهم كثيرًا وهمًا ليس له مستند صحيح إلاّ ضعف العقل.
ويكفيك أنَّ كل ما يُظن أنه سببٌ لحصول المطالب بما
حرمته الشريعة من دعاء أو غيره، لا بدَّ فيه من أحد أمرين:
إما أن لا يكون سببًا صحيحًا، كدعاء ما لا يسمع ولا
يبصر ولا يغني عنك شيئًا، وإما أن يكون ضرره أكثر من نفعه.
فأما ما كان سببًا صحيحًا منفعته أكثر من مضرته: فلا
يَنْهَى عنه الشرع بحال، وكل ما لم يُشرع من العبادات مع قيام المقتضى لفعله من
غير مانع فإنه من باب النهي عنه كما تقدم.
وأما العلم بغلبة السبب فله طرق في الأمور الشرعية،
كما له طرق في الأمور الطبيعية، منها: الاضطرار، فإنَّ الناس لـما عطشوا وجاعوا
على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ غير مرة ماء قليلاً فوضع يده الكريمة
فيه، حتى فار الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم.
ووضَع يده الكريمة في الطعام وبَرَّك فيه حتى كثُر
كثْرةً خارجة عن العادة.
فإنَّ العلم بهذا الاقتران المعين يوجب العلم بأن كثرة الماء والطعام كانت بسببه صلى الله عليه وسلم علمًا ضروريًّا، كما يعلم أنَّ الرجل إذا ضُرب بالسيف ضربة شديدة صرعته فمات، أن الموت كان منها، بل أوكد، فإن العلم بأن كثرة الماء والطعام ليس له سبب معتاد في مثل ذلك أصلاً، مع أنَّ العلم بهذه المقارنة يوجب علمًا ضروريًّا بذلك.
الصفحة 4 / 376
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد