فكيف يشاركون الله
جل وعلا في العبادة، ويُدْعَوْنَ من دون الله عز وجل ؟ فهم عباد مثلكم ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ
يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ
وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ
مَحۡذُورٗا﴾.
قوله: «يَا رَسُولَ
اللَّهِ، أَي النَّاسِ أَسْعَدُ بِشَفَاعَتِكَ...» حديث أبي هريرة هذا في جانب
آخر، وهو أن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إنما تحصل لأهل التوحيد، ولا تحصل
لأهل الشرك، ولذلك لما سأل أبو هريرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: مَنْ أَسْعَدُ
النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: «مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ
إِلاَّ اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ»، الذي يقول: لا إله إلا الله بلسانه،
ويعتقدها بقلبه ويعمل بمدلولها؛ لأن: لا إله إلا الله، معناها لا معبود بحقٍّ إلا
الله سبحانه وتعالى فالذي يقولها يريد بها وجه الله، هذا هو الذي يشفع له الرسول
صلى الله عليه وسلم؛ لأنه من أهل التوحيد، والرسول صلى الله عليه وسلم وغيره إنما
يشفعون لأهل التوحيد، وأما أهل الشرك فليس منهـم شفاعة، ولا تُقبل فيهم شفاعة.
وهذا شرط من شروط الشفاعة، وهي أن يكون المشفوع فيه من أهل التوحيد، مُخلصًا لله
سبحانه وتعالى.
أما الذي يقول: لا
إله إلاّ الله، بلسانه، ولا يعتقدها بقلبه كالمنافقين، أو يقول: لا إله إلاّ الله
بلسانه، ثم يدعو غير الله من الأموات والأضرحة وغير ذلك، فهذا ليس مخلصًا لله عز
وجل في العبادة؛ لأنه مشرك، فلا تنفعه شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
الإخلاص يتفاوت،
فكلما كان الرجل أكثر إخلاصًا لله، كان أكثر حظًّا في الشفاعة يوم القيامة.
وأما من كان من أهل الشرك فهو من أبعد الناس عن الشفاعة.