قالَ صلى الله عليه
وسلم: «إِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ» الاستعانةُ طَلَبُ
العَونِ، قال تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ
وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، فهيَ نَوْعٌ منَ
العِبادةِ، وعَطْفُها على العِبادةِ من عَطْفِ الخاصِّ على العامِّ للاهتِمامِ
بها، وإلاَّ فهو نَوْعٌ منَ العِبادَةِ.
والاستعانةُ مِثْلُ
السُّؤالِ: إذا كانتِ الاستِعانَةُ بالمَخلوقِ فيما لا يَقدِرُ عليه إلاَّ اللُه
فهيَ شِرْكٌ أكبرُ، وإن كانتِ الاستِعانةُ بالمَخلوقِ في شَيءٍ يَقدِرُ عليه فهذا
يجوزُ، لكنْ تَرْكُهُ أحسنُ؛ لأنَّ فيه ذِلَّهً، وحاجةً إلى النَّاسِ، وكَونُك تَستغني
باللهِ عز وجل هذا أفضَلُ لك.
قالَ صلى الله عليه
وسلم: «وَاعْلَمْ أَنَّ الأُْمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ» لو اجتَمعَ الخَلقُ
كلُّهم «عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ
كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ» أي: قدَّرَهُ وكَتبَهُ لك في اللَّوحِ المَحفوظِ، «وَ
لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلاَّ بِشَيْءٍ
قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ» فهذا فيهِ الإيمانُ بالقَضاءِ والقَدرِ،
وأنَّ النَّاسَ لا يَقدِرُون على أنْ يَنفَعُوكَ أو يَضُرُّوكَ إلاَّ بما كَتبَهُ
اللهُ لك عَلى أيدِيهم مِن نَفْعٍ أو ضُرٍّ، فهم سَببُ فقط، وأمَّا النَّافعُ
والضَّارُ فهوَ اللهُ جل وعلا إذا أمَرَهمُ اللهُ نفَعوكَ، وإذا لمْ يأمُرْهمُ
اللهُ لم يَنفَعُوك، وإذا أمَرَهم ضَرُّوكَ، فعَليكَ بالإيمانِ بالقَضاءِ
والقَدرِ.
ثمَّ قالَ صلى الله عليه وسلم: «رُفِعَتْ الأَْقْلاَمُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ» معناهُ أنَّ قَضاءَ اللهِ قُدِّرَ وانتَهى ولن يُغيَّرَ، فإنَّ القَضاءَ الَّذي قدَّرَه اللهُ لا يُغيَّرُ، قوْلُه: «رُفِعَتْ الأَْقْلاَمُ» أي: أقلامُ كِتابةِ القَضاءِ والقَدرِ، «وَجَفَّتْ الصُّحُفُ» الصُّحُفُ الَّتي كُتِبَتْ فيها المَقاديرُ، فهذا فيه الإيمانُ بالقَضاءِ والقَدرِ،