فإذا تطهَّرَ الطَّهارةَ الحِسِّيَّةِ حصلَ على
نِصفِ الإيمانِ؛ لأنَّ الطَّهارةَ الحِسِّيَّةَ شَرطٌ لصِحَّةِ الصَّلاةِ.
وقيلَ: المُرادُ
بالطُّهورِ الطُّهورُ المَعنويُّ.
والظَّاهرُ - واللهُ
أعلَمُ - أنَّه شامِلٌ للطُّهورَيْنِ، فلا يَكفي الطُّهورُ الحِسِّيُّ، ولا يَكفي
الطُّهورُ المَعنويُّ، فالَّذي يَتطهَّرُ الطَّهارةَ الحِسِّيَّةَ المأمورَ بها
شَرعًا، والطَّهارةَ المعنويَّةَ منَ الذُّنوبِ والمَعاصي، حصَلَ على نِصفِ
الإيمانِ، وبَقيَ في حقِّه النِّصْفُ الثَّاني وهوَ العَملُ؛ لأنَّ الإيمانَ - كما
سَبقَ بَيانُه - قولٌ وعمَلٌ واعتِقادٌ.
قولُه صلى الله عليه
وسلم: «وَالْحَمْدُ لِلهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ» الحمدُ: الثَّناءُ على
المُنعِمِ، وهي كَلمةٌ إذا قالَها الإنسانُ فإنَّها تَملأُ مِيزانَ الأعمالِ يومَ
القِيامةِ؛ لأنَّ الحسناتِ والسَّيِّئاتِ تُوزَنُ يومَ القِيامةِ في المَوازينِ،
وهي كَلمةٌ واحدةٌ يَنبَغي على العَبدِ أنْ يقولَها بصِدقٍ، ويُثْنيَ على اللهِ
بصِدقٍ، ويُقيِّدَ النِّعمَ بالشُّكرِ، ويَصرِفَها في طاعةِ اللهِ، فليسَ الحمْدُ
للهِ باللِّسانِ فقط، بل الحمدُ للهِ باللِّسانِ والعملِ أيضًا.
قالَ صلى الله عليه وسلم: «وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلهِ تَمْلآَنِ - أَوْ تَمْلَأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ» كلمتان، «سُبْحَانَ اللهِ» معناها تَنزيهُ اللهِ جل وعلا عمَّا لا يَليقُ به؛ تَنزيهُه عنِ الشُّركاءِ، وتَنزيهُه عنِ النَّقائصِ والعُيوبِ، «وَالْحَمْدُ لِلهِ» - كما سبقَ - ثناءٌ على اللهِ جل وعلا. «تَمْلآَنِ - أَوْ تَمْلَأُ - » الكلمةُ الواحدةُ تملأُ ما بينَ السَّماءِ والأرضِ، ومَعلومٌ ما بينَ السَّماءِ والأرضِ منَ الفَضاءِ الواسِعِ، وقد جاءَ في حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ