والإِنْسانُ بَشَرٌ يحبُّ
المدحَ، ويحبُّ الثَّناءَ، ويحبُّ الجاهَ، ويحبُّ المالَ، تُؤَثِّرُ عليه هذه
الأَشْياءُ فالإِخْلاصُ للهِ عز وجل عزيزٌ، هذا وإِنْ كان شركاً أَصْغرَ، ولا
يُخْرِجُ مِن المِلَّةِ، لكنَّه خطيرٌ جداً؛ لأَنَّه قلَّ من يسلَم منه إِلاَّ مَن
رَحِمَ اللهُ عز وجل .
فلذلك يجب على المسلمِ
أَنَّه ينفطنُ لنفسِه، ويُخْلِصُ أَعْمالَه للهِ، وإِذَا وقَع في نفسِه شيءٌ من
الشِّرْكِ الأَصْغرِ يُبَادِرُ بطَرْدِه، والسَّلامةُ منه والاستعاذةُ باللهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ
أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ».
وقولُه: «فالعملُ الصَّالحُ هو الخالي مِن الرِّياءِ»
يعني: من الشِّرْكِ، «المفيد بالسُّنَّةِ»
يعني: الخالي من البِدْعة، فلا يكون العملُ صالحاً إِلاَّ بهَذَيْنِ
الشَّرْطَيْنِ: السَّلامةِ من الشِّرْكِ، والسَّلامةِ من البِدْعة.
وهذا عُمَرُ رضي الله عنه
خَافَه على نفسِه فدَعَا بهذا الدُّعاءِ: «اللَّهُمَّ
اجْعَلْ عَمَلِي كُلَّهُ صَالِحاً» هذا خوفٌ من البِدْعة، فإِنَّ البِدْعةَ
عملٌ فاسدٌ، «واجْعَلْهُ لوَجْهِك خالصاً،
ولا تَجْعَلْ لأَحَدٍ فيه شيئاً» وهذا الخوفُ من الشِّرْكِ والرِّياءِ.
وقولُه: «وهذا الشِّرْكُ في العبادةِ يُبْطِلُ ثوابَ العملِ» فلا يبقى لصاحبِه
عملٌ، وقدْ يُعَاقَبُ عليه إِذَا كان العملُ واجباً، يعني: لَوْ صَلَّى الفريضةَ -
وهي واجبةٌ - وزَيَّنَها وهو يريد أَنْ يُمْدَحُ بِها ويُثْنَى عليه، فإِذَا صلَّى
عند النَّاس زَيَّنَ صلاتَه، وإِذَا صلَّى وَحْدَهُ نَقَرَهَا، فهذا رِيَاءٌ
يُحْبِطُ العملَ، فلا يكون له ثوابٌ، ولا يَسْلَمُ مِن العقاب؛ لأَنَّه لم يُؤَدِّ
الواجبَ.
***
الصفحة 4 / 436