إِذَا شَاهَدُوهَا، خَشْيَةَ
نُزُولِ الْعَذَابِ عَلَى أَهْلِهَا، فَيُصِيبُهُمْ مَعَهُمْ، وَتَعِجُّ الأَْرْضُ
إِلَى رَبِّهَا تبارك وتعالى ، وَتَكَادُ الْجِبَالُ تَزُولُ عَنْ أَمَاكِنِهَا.
وَقَتْلُ الْمَفْعُولِ بِهِ
خَيْرٌ لَهُ مِنْ وَطْئِهِ، فَإِنَّهُ إِذَا وَطِئَهُ قَتَلَهُ قَتْلاً لاَ
تُرْجَى الْحَيَاةُ مَعَهُ، بِخِلاَفِ قَتْلِهِ فَإِنَّهُ مَظْلُومٌ شَهِيدٌ،
وَرُبَّمَا يَنْتَفِعُ بِهِ فِي آخِرَتِهِ.
قَالُوا: وَالدَّلِيلُ عَلَى
هَذَا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ حَدَّ الْقَاتِلِ إِلَى خِيَرَةِ
الْوَلِيِّ، إِنْ شَاءَ قَتَلَ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا، وَحَتَّمَ قَتْلَ اللُّوطِيِّ
حَدًّا، كَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ،
وَدَلَّتْ عَلَيْهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّرِيحَةُ
الَّتِي لاَ مُعَارِضَ لَهَا، بَلْ عَلَيْهَا عَمَلُ أَصْحَابِهِ وَخُلَفَائِهِ
الرَّاشِدِينَ - رضي الله عنهم أجمعين أَجْمَعِينَ - .
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ خَالِدِ
بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُ وَجَدَ فِي بَعْضِ ضَوَاحِي الْعَرَبِ رَجُلاً يُنْكَحُ
كَمَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ، فَكَتَبَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله
عنه فَاسْتَشَارَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم فَكَانَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَشَدَّهُمْ قَوْلاً فِيهِ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ هَذَا
إِلاَّ أُمَّةٌ مِنَ الأُْمَمِ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلَ اللَّهُ
بِهَا، أَرَى أَنْ يُحَرَّقَ بِالنَّارِ، فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى خَالِدٍ
فَحَرَّقَهُ ([1]).
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: يُنْظَرُ أَعْلَى بِنَاءٍ فِي الْقَرْيَةِ، فَيُرْمَى اللُّوطِيُّ مِنْهَا مُنْكَبًّا، ثُمَّ يُتْبَعُ بِالْحِجَارَةِ ([2]). وَأَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ هَذَا الْحَدَّ مِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ قَوْمَ لُوطٍ.
([1])أخرجه: الخرائطي في مساوئ الأخلاق رقم (428)، وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي رقم (140)، والآجري في ذم اللواط رقم (29).