×

وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: إنِّي أَجْرَيْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي فَرَسَيْنِ نَسْتَبِقُ إلَى ثَغْرَةِ ثَنِيَّةٍ فَأَصَبْنَا ظَبْيًا وَنَحْنُ مُحْرِمَانِ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَقَالَ عُمَرُ لِرَجُلٍ بِجَنْبِهِ: تَعَالَ حَتَّى أَحْكُمَ أَنَا وَأَنْتَ، قَالَ: فَحَكَمَا عَلَيْهِ بِعَنْزٍ، فَوَلَّى الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحْكُمَ فِي ظَبْيٍ حَتَّى دَعَا رَجُلاً فَحَكَمَ مَعَهُ. فَسَمِعَ عُمَرُ قَوْلَ الرَّجُلِ، فَدَعَاهُ فَسَأَلَهُ: هَلْ تَقْرَأُ سُورَةَ الْمَائِدَةِ؟ فَقَالَ: لاَ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي حَكَمَ مَعِي؟ فَقَالَ: لاَ، فَقَالَ: لَوْ أَخْبَرْتَنِي أَنَّكَ تَقْرَأُ سُورَةَ الْمَائِدَةِ لَأَوْجَعْتُكَ ضَرْبًا، ثُمَّ قَالَ: إنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ﴿يَحۡكُمُ بِهِۦ ذَوَا عَدۡلٖ مِّنكُمۡ هَدۡيَۢا بَٰلِغَ ٱلۡكَعۡبَةِ [المائدة: 95] وَهَذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ. رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأ ([1]) .

**********

 فعُمر رضي الله عنه لم يحكم وحده، مع أنه أمير المؤمنين؛ بل حكم معه عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بأن الظبي فيه عنز؛ لأن الله يقول: ﴿يَحۡكُمُ بِهِۦ ذَوَا عَدۡلٖ: اثنان، ﴿يَحۡكُمُ بِهِۦ ذَوَا عَدۡلٖ [المائدة: 94]، الله ذكر هذا في سورة المائدة.

فسأل عمر رضي الله عنه هذا الرجل: هل هو يقرأ سورة المائدة؟ قال: لا؛ لأنه لو قرأها لوجد هذا فيها، فلا سبب للاستغراب، مذكور في سورة المائدة: ﴿يَحۡكُمُ بِهِۦ ذَوَا عَدۡلٖ [المائدة: 95].

«ثُمَّ إنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ﴿يَحۡكُمُ بِهِۦ ذَوَا عَدۡلٖ مِّنكُمۡ هَدۡيَۢا بَٰلِغَ ٱلۡكَعۡبَةِ [المائدة: 95] وَهَذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ»، ﴿يَحۡكُمُ بِهِۦ ذَوَا عَدۡلٖ مِّنكُمۡ هَدۡيَۢا بَٰلِغَ ٱلۡكَعۡبَةِ [المائدة: 95] أي: يذبح في الحرم، ﴿بَٰلِغَ ٱلۡكَعۡبَةِ يعني: يذبح في الحرم، ولا يذبح في الحلِّ.


الشرح

([1])  أخرجه: مالك في الموطأ (1/ 414، 415).