وَعَنْ
إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ الرَّازِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ:
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، كَمْ قَدْرُ صَاعِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ؟ قَالَ:
خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ بِالْعِرَاقِيِّ، أَنَا حَزَرْتُهُ، فَقُلْتُ: أَبَا
عَبْدِ اللَّهِ، خَالَفْتَ شَيْخَ الْقَوْمِ، قَالَ: مَنْ هُوَ؟ قُلْتُ: أَبُو
حَنِيفَةَ يَقُولُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ، فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ
لِجُلَسَائِنَا: يَا فُلاَنُ، هَاتِ صَاعَ جَدِّكَ، ويَا فُلاَنُ هَاتِ صَاعَ
عَمِّكَ، ويَا فُلاَنُ هَاتِ صَاعَ جَدَّتِكَ.
قَالَ
إِسْحَاقُ: فَاجْتَمَعَتْ آصُعٌ، فَقَالَ: مَا تَحْفَظُونَ فِي هَذَا؟ قَالَ
هَذَا: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يُؤَدِّي بِهَذَا الصَّاعِ
إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ هَذَا: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ
أَخِيهِ أَنَّهُ كَانَ يُؤَدِّي بِهَذَا الصَّاعِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم، وَقَالَ الآْخَرُ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا أَدَّتْ بِهَذَا
الصَّاعِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ مَالِكٌ: أَنَا حَزَرْتُ
هَذِهِ فَوَجَدْتُهَا خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثًا ([1]). رَوَاهُ
الدَّارَقُطْنِيُّ.
**********
قوله رحمه الله: «أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: ثَمَانِيَةُ
أَرْطَالٍ»، «فَقَالَ مَالِكٌ: أَنَا
حَزَرْتُ هَذِهِ فَوَجَدْتُهَا خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثًا» خمسة أرطال،
فيكون هذا حجة على أبي حنيفة رحمه الله.
والفقيه يجتهد؛ قد يصيب وقد يخطئ - أبو حنيفة وغيره - كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا حكمَ الحاكمُ، فاجتهدَ ثم أصابَ، فله أجرانِ، وإذا حكمَ فاجتهدَ ثم أخطأَ، فَلهُ أجرٌ» ([2]).
([1]) أخرجه: الدارقطني في سننه (3/ 86، 87).