وَعَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمَ
إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ
الإِْسْلاَمُ، وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، لاَ يَسْتَطِيعُ رُكُوبَ الرَّحْلِ،
وَالْحَجُّ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «أَنْتَ أَكْبَرُ
وَلَدِهِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ
فَقَضَيْتَهُ عَنْهُ، أَكَانَ يُجْزِي ذَلِكَ عَنْهُ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:
«فَاحْجُجْ عَنْهُ» ([1]). رَوَاهُ
أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ بِمَعْنَاهُ .
**********
وهذا يدل على أن الابن ينوب عن أبيه إذا كبر أو مات، ولم يحج فريضة
الإسلام، وإن حج غير ابنه، فلا بأس، لكن الابن أولى؛ لأن هذا من البر، هذا من البر
بالوالد.
ثم قاس النبي صلى الله عليه وسلم ذلك على الدَّين: «أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ عَنْهُ،
أَكَانَ يُجْزِي ذَلِكَ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ».
«وَالْحَجُّ مَكْتُوبٌ
عَلَيْهِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «أَنْتَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ؟» قَالَ: نَعَمْ»،
وفيه دليل على أن الأفضل في النيابة الأكبر من الأولاد.
«قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ عَنْهُ، أَكَانَ يُجْزِي ذَلِكَ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاحْجُجْ عَنْهُ»، وهذا الحديث - أيضًا -: «أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ»: هذا فيه: استعمال القياس؛ حيث قاس النبي صلى الله عليه وسلم قضاء الحج على قضاء الدين، ففيه استعمال القياس، والقياس هو الأصل الرابع من أصول الأدلة، وهو مذهب جماهير أهل العلم، خلافًا للظاهرية؛ فالظاهرية لا يرون القياس، هذا الحديث حجة عليهم؛ حيث قاس النبي صلى الله عليه وسلم قضاء الحج على قضاء الدين، ففيه دليل للقياس، وأنه من أصول الشريعة الإسلامية.
([1]) أخرجه: أحمد (26/ 47)، والنسائي (2639).