قوله رحمه الله: «وَعَنِ الزُّهَرِي،
عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
فِي حجِّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَأهْدَى، فَسَاقَ مَعَهُ
الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةَ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ
رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ»، اختلفت الروايات
في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم: هل حجَّ مفردًا، أو حجَّ متمتعًا، أو حجَّ
قارنًا؟
والراجح: أنه حج قارنًا بين الحج والعمرة؛ لأنه ساق الهدي من المدينة من ذي الحليفة، من ميقات المدينة. ومن ساق الهدي، فإنه يبقى على إحرامه إلى أن ينحر الهدي يوم العيد، ﴿وَلَا تَحۡلِقُواْ رُءُوسَكُمۡ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡيُ مَحِلَّهُۥۚ﴾ [البقرة: 196]، فهذا الذي منع الرسول صلى الله عليه وسلم من أن يفصل بين العمرة والحج، بل قَرَنَ بينهما بسوقه الهدي من الحل، والذي يسوق الهدي من الحل هذا يبقى على إحرامه، ويكون قارنًا حتى يذبح هديه يوم العيد في منى، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لما أمر أصحابه بالتمتع بالعمرة إلى الحج، قال: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، لَمَا سُقْتُ الْهَدْيَ، وَلَأَحْلَلْتُ مَعَكُمْ» ([1])، ولم يسق الهدي من الحل، فهو فضل التمتع على القران، ولكنه صار قارنًا بحكم وجود الهدي معه؛ لأنه ساقه من ذي الحليفة، هذا الذي منعه صلى الله عليه وسلم من التمتع بالعمرة إلى الحج؛ وإنما أحرم قارنًا بينهما، ولم يحل إلا بعد ذبح هديه يوم العيد في منى.
([1]) أخرجه: أحمد (19/ 483).