«ثُمَّ
قَالَ: «لَقَدْ حَلَلْتِ مِنْ حَجَّتِكِ وَعُمْرَتِكِ جَمِيعًا»، فَقَالَتْ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أَجِدُ فِي نَفْسِي أَنِّي لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ حِينَ
حَجَجْتُ، قَالَ: «فَاذْهَبْ بِهَا يَا
عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَأَعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ»، لما أنهم فرغوا من الحج
وعائشة معهم لم تطف ولم تسعَ إلا مرة واحدة، والناس طافوا وسعوا للعمرة، ثم طافوا
وسعوا للحج، فهي ترغب أن تكون مثلهم، «قالت:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَرْجِعُ النَّاسُ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، وَأَرْجِعُ أَنَا
بِحَجَّةٍ، قَالَ: «وَمَا طُفْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا مَكَّةَ؟» قُلْتُ: لاَ،
قَالَ: «فَاذْهَبِي مَعَ أَخِيكِ إِلَى
التَّنْعِيمِ، فَأَهِلِّي بِعُمْرَةٍ ثُمَّ مَوْعِدُكِ كَذَا وَكَذَا» ([1]).
أرسلها النبي صلى الله عليه وسلم مع أخيها عبد الرحمن بعد الحج إلى التنعيم
الذي هو أدنى الحَلِّ؛ فأحرمت منه بالعمرة، أدتها بعد الحج؛ تطييبًا لنفسها رضي
الله عنها.
«قَالَ: «فَاذْهَبْ بِهَا
يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ»، انظر! المرأة تحتاج إلى محرمٍ، لا تذهب وحدها، حتى ولو
كانت المسافة قريبة، «اذهب بها يا عبد
الرحمن»، وعبد الرحمن رضي الله عنه هو أخوها.
«قَالَ: «فَاذْهَبْ بِهَا
يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ»، لم يقل: اذهبي أنت إلى التنعيم، قال: «اذْهَبْ بِهَا يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ».
أين الذين الآن يضيعون نساءهم ومحارمهم، ولا يحافظون عليهن؟! بل إنهم صرحوا بأن المرأة مثل الرجل؛ لها أن تسافر بدون محرمٍ، يا سبحان الله! كيف ذهبت العقول؟!
([1]) أخرجه: البخاري (1561)، ومسلم (120) (1211).