فبعث عمر رضي الله عنه في ذلك في هذه المهمة، «فَقِيلَ: مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ»، يعني: أَبَى أن يدفع الزكاة لعمر
رضي الله عنه.
وابن جميل هذا من المنافقين، وهو الذي نزلت فيه الآية: ﴿وَمِنۡهُم مَّنۡ عَٰهَدَ ٱللَّهَ
لَئِنۡ ءَاتَىٰنَا مِن فَضۡلِهِۦ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ
٧٥فَلَمَّآ ءَاتَىٰهُم مِّن فَضۡلِهِۦ بَخِلُواْ بِهِۦ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعۡرِضُونَ
٧٦﴾ [التوبة: 75، 76]، فقيل: إنها نزلت في هذا الرجل.
فالنبي صلى الله عليه وسلم عتب عليه، وقال: «مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ»، يعني: ليس له عذر؛ لأنه كان فقيرًا
فأغناه الله، كان الواجب عليه أن يشكر الله، وأن يخرج الزكاة التي أوجبها الله
عليه في ماله.
وأما خالد، فليس عنده شيء يزكى؛ لأنه حبس - يعني: أوقف - أعتاده وأدراعه في
سبيل الله؛ يعني: في الجهاد، فليس عنده شيء يزكى.
قالوا: و هذا فيه: دليل على جواز وقف المنقول، العادة أن الأوقاف
تكون في الأشياء الثابتة، وهذا الحديث يدل على أنها تكون - أيضًا - في المنقولات
كالسلاح والعتاد في سبيل الله؛ كما فعل خالد بن الوليد رضي الله عنه.
وأمَّا العباس رضي الله عنه عم الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد تعجلها
النبي صلى الله عليه وسلم منه، وأخذها، وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم تحملها
عنه؛ قال: «فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا
مَعَهَا».
«ثُمَّ قَالَ: «يَا عُمَرُ،
أَمَا شَعَرْت أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ؟»، هذا فيه: مكانة
العباس من رسول صلى الله عليه وسلم، وأنه عمه، وعمُّ الرجل صنو أبيه، يعني: قرين
أبيه، فيجب احترامه وإكرامه؛ كما يجب احترام الأب وإكرام الأب.