وكون المرأة تتكلم عن
زوجها أنه يبخل عليها؛ مثلما كانت زوجة أبي سفيان رضي الله عنه هند بنت عتبة رضي
الله عنها تقول: إنَّ أبا سفيان رجلٌ شَحيحٌ؛ لا يُعْطيني ما يكفيني وولدي؛
فالرسولُ صلى الله عليه وسلم قال: «خُذِي
مَا يَكْفِيكِ وَوَلدكِ بالمَعْرُوفِ» ([1]).
ولم يقل لها: «أنتِ تكلمتِ فيه»؛
لأن المشتكي له أن يقول: فلان ظلمني؛ لأنه لا يتوصل إلى حقه إلا بذلك. وكذلك رجل
الحسبة الذي يتتبع الناس لأجل إزالة المنكرات، فيقول: «إنَّ فلانًا فعل كذا»؛ من أجل أن يردع عن ذلك، من أجل أن يردع عن
معاصيه، وليس المقصود اغتيابه، وإنما المقصود التوصل إلى منعه من المنكر، فهذا لا
بأس به، وليس من الغيبة المذمومة.
قوله رحمه الله: «باب: التَّحَفُّظِ
مِنَ الْغِيبَةِ وَاللَّغْوِ، وَمَا يَقُولُ إذَا شُتِمَ»، الغيبة عرفناها،
قال الله جل وعلا: ﴿وَلَا يَغۡتَب
بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ﴾ [الحجرات: 12]، فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها: «ذِكْركَ أَخاكَ بما يَكْرَهُ».
واللغو: هو الكلام الباطل مِن سب وشتم وشهادة زور وغير ذلك، سُمي لغوًا لأنه ملغى، يعني: باطل، اللغو هو الباطل؛ ﴿وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغۡوَ أَعۡرَضُواْ عَنۡهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡ سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ لَا نَبۡتَغِي ٱلۡجَٰهِلِينَ﴾ [القصص: 55]، السلام هذا ليس سلام تحية؛ وإنما سلام متاركة؛ مثل: قول إبراهيم لأبيه: ﴿سَلَٰمٌ عَلَيۡكَۖ سَأَسۡتَغۡفِرُ لَكَ رَبِّيٓۖ﴾ [مريم: 47]، يعني: سلام متاركة، سلام هجر، ليس سلام تحية، هذا هو اللغو.
([1]) أخرجه: البخاري (5364) من حديث عائشة رضي الله عنها.