الاغتسال من الحيض، ولو تأخر الطواف، لا بأس بذلك؛ لأنه لا توقيت لآخره،
إنما التوقيت لأوله، يبدأ من منتصف الليل ليلة النحر، وأما آخره، فليس له حدٌّ؛
يعني: الطواف.
فهذا حال عائشة رضي الله عنها لما حاضت وهي محرمة، فندمت على ذلك، وبكتْ،
فقال لها صلى الله عليه وسلم: «هذا شيءٌ
كتبه اللهُ على بنات آدم»، يعني: الحيض، فالمرأة إذا حاضتْ لا تتسخط لهذا، شيء
مكتوب، وهذا جبلة المرأة وطبيعتها، وخلق الله هذا الحيض لمصلحة؛ لأجل غذاء الولد،
فهو إذا كان في البطن يتغذى بهذا الدم، وإذا ولدته يتحول إلى حليب في ثديها، ترضعه
به.
«وَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى
الله عليه وسلم مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الهديَ أَن يَحِلَّ، فَحَلَّ مَنْ لَمْ
يَكُنْ سَاقَ»، يحل من عمرته، ويحرم بالحج في اليوم الثامن، وأما من كان معه هدي ساقه
معه من الحل، فإنه يبقى على إحرامه، إلى أن ينحر الهدي، ويكون قارنًا.
«فَحَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ
سَاقَ الْهَدْيَ، وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ، فَأَحْلَلْنَ»، «نِسَاؤُهُ»: نساء الرسول صلى الله عليه
وسلم لم يسقن هديًا، فأحللن من العمرة، وصرن متمتعات.
«قَالَتْ عَائِشَةُ: فَحِضتُ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَذَكَرَتْ قِصَّتَهَا»، عائشة رضي الله عنها حاضتْ بعد ما أحرمتْ، فلما أصابها الحيض بكتْ، فلما رآها الرسول صلى الله عليه وسلم تبكي طيَّب خاطرها، وقال: «هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ» يعني: الحيض، «افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ؛ غَيرَ أَلاَّ تَطُوفي بالبيتِ حتى تَطْهُرِي» ([1]).
([1]) أخرجه: البخاري (305، 294)، ومسلم (1211).