وأبقى الأشهر الحرم على ما
هي عليه، التي هي: شهر ذي القعدة، وذي الحجة، والمحرم، هذه ثلاثة، والرابع شهر
رجب؛ ثلاثة سرد وواحد فرد، هذه الأشهر الحرم، والحرم معناها: يَحْرُم فيها القتال.
«وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَا
الدَّبَر، وَعَفَا الأَثَر، وَانْسَلَخَ صَفَر، حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ
اعْتَمَرَ»، هذا كلامهم، لكن العمرة تجوز في كل وقتٍ؛ في شهر صفر وفي غيره.
«فَقَدِمَ النَّبِيُّ صلى
الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَة مُهلِّينَ بِالْحَجِّ،
فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً»، أبطل بهذا ما تعتقده
الجاهلية؛ أن العمرة لا تجوز في أشهر الحج.
«فَأَمَرَهُمْ أَنْ
يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ
اللهِ، أَيُّ الْحِلِّ؟ قال: «حِلٌّ كُلُّهُ»، «أَيُّ الْحِلِّ؟» يعني: هل هو الحل من الإحرام، قال: «حِلٌّ كُلُّه»، يعني: أنه يتحلل، ويباح
له ما كان ممنوعًا عليه من محظورات الإحرام، إلى أن يحرم بالحج.
هم رضي الله عنهم شق عليهم أنهم يحولون حجهم إلى عمرة، يريدون البقاء على
إحرامهم مفردين، الرسول صلى الله عليه وسلم ألح عليهم، وأكد، وقال: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا
اسْتَدْبَرْتُ، لَمَا سُقْتُ الْهَدْيَ، وَلَأَحْلَلْتُ مَعَكُمْ» ([1])؛ تطييبًا لخواطرهم،
وبيانًا للأفضل.
هذا من باب: البيان منه صلى الله عليه وسلم بالأحكام الشرعية، وإن استغربها بعض الناس، فالأحكام الشرعية إذا ثبتت، فلا مجال للرأي فيها.
([1]) أخرجه: أحمد (19/ 483).