«ولاَ
يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ»، كان المشركون قبل فتح مكة يطوفون بالبيت عراة،
إن وجد من يعطيه ثوبًا من أهل مكة، لبسه، وإلا طاف بالبيت عريان؛ لأنهم يقولون: لا
نطوف بأثواب عصينا الله فيها. نسأل الله العافية! هذا من الشيطان، تشريع من
الشيطان، فكانوا يخلعون ملابسهم، ويطوفون بالبيت عراة، وكذلك كان المشركون يحجون،
الله جل وعلا أنزل على رسوله قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡمُشۡرِكُونَ نَجَسٞ فَلَا يَقۡرَبُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ
ٱلۡحَرَامَ بَعۡدَ عَامِهِمۡ هَٰذَاۚ﴾ [التوبة: 28]، فالرسول صلى
الله عليه وسلم بلغ هذا، وفي خلافة أبي بكر رضي الله عنه - أيضًا - أرسل من ينادي
بهذا؛ ألا يطوف بالبيت عريان، ولا يحج مشرك نهائيًّا.
﴿إِنَّمَا ٱلۡمُشۡرِكُونَ
نَجَسٞ﴾، يعني: نجاسة معنوية، وهي نجاسة الشرك. ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُشۡرِكُونَ
نَجَسٞ فَلَا يَقۡرَبُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ﴾: لا يقربوا، لم
يقل: لا يدخلوا فقط، قال: لا يقربوا، فلا يدخلون داخل حدود الحرم، يُمنعون من ذلك.
«وَيَوْمُ الْحَجِّ
الأَْكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ»، سمي يوم الحج الأكبر؛ لأنه تفعل فيه غالب مناسك الحج؛
من طواف، وسعي، وحلق، وتقصير، وذبح هدي، وغير ذلك.
والحج الأكبر هو الحج، وأما الحج الأصغر فهو العمرة، فقال: «يَوْمُ الْحَجِّ الأَْكْبَرِ»؛ فرقًا
بينه وبين العمرة، العمرة حج، لكنها حج أصغر.
قوله: «هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ
الأَْكْبَرِ» يعني: أعلمهم أن المراد بيوم الحج هو يوم النحر، يوم الحج
الأكبر؛ لأنه تجتمع فيه مناسك الحج.