«ثُمَّ رَكِبَ، فلمَّا استَقَلَّتْ بِه ناقتُه أَهَلَّ،
فأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنهُ أقوامٌ، فحَفِظُوا عَنْهُ»،
وقالوا: إنه لم يُحرم إلا لما ركب؛ لأنه لبى حينما ركب صلى الله عليه وسلم، فهم
ظنوا أنه لم يحرم إلا بعد الركوب، وهذا غير صحيح، هي حجة واحدة، كيف تختلف هذه
الأمور؟.
الصواب: أنه لبى لما سلم من صلاته، ونوى الإحرام، ثم لما ركب لبى؛ وهذا
سنة، ثم لما علا على البيداء، وخرج من الوادي، لبى، فهو ليس معنى ذلك أنه أخَّر
الإحرام إلى ركوب الراحلة، أو أنه أخر الإحرام إلى أن علا البيداء؛ هذا كله ليس
صحيحًا، إنما أحرم من مكان صلاته؛ هذا هو الصحيح.
«فَلَمَّا اسْتَقَلَّتْ بِهِ
نَاقَتُهُ، أَهَلَّ، فَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ، فَحَفِظُوا عَنْهُ»، فقالوا: «إنه لم يُحرم إلا لما ركب»، وهذا خطأ.
«وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ
إنَّمَا كَانُوا يَأْتُونَ أَرْسَالاً، فَسَمِعُوهُ»، أرسالاً، يعني: لم يحضروا
عنده كلهم يوم أنه سلم من الصلاة، إنما كانوا يأتون - يعني: أرسالاً - على رواحلهم
ركبانًا؛ ليرافقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم كانوا في البداية يأتون
ركبانًا، ويلحقون بالرسول صلى الله عليه وسلم، لم يأتوا دفعة واحدة، وساروا معه
جميعًا، لا، يأتون أرسالاً.
«وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ
إنَّمَا كَانُوا يَأْتُونَ أَرْسَالاً، فَسَمِعُوهُ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ
نَاقَتُهُ يُهِلُّ، فَقَالُوا: إنَّمَا أَهَلَّ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ
نَاقَتُهُ»، وهذا غير صحيح، أهلَّ حينما سلم من الصلاة، ولكنه لما ركب الراحلة، لبى
مرة ثانية؛ لأن شعار المحرم هو التلبية، وكان صلى الله عليه وسلم كلما علا على
الراحلة، أو على مرتفع من الأرض، يلبي وهو محرم.