والأمة
إذا رجعت للعُلماء الموثوقين: حُماة العقيدة، وحُرَّاس الدِّين، عَزَّت، وسَادت،
وانتصرت، وعمَّ بينها التَّوقير والحب والتآلف، وانحسر النِّزاع والشِّقاق
والتَّخالف، وعاد لها مجدها، بإذن الله -سبحانه- ولا يتمُّ ذلك إلا بالجهود
المخلصة الصَّادقة من العلماء الربَّانيين، وبالتلاحم بين الأمة وولاة أمورها.
ويتأكّد
أثر العلماء، بما حباهم الله عز وجل مِن الفقه في الدِّين، وبما امتازوا به من
سَعة الأفق، ورحابة الصَّدر؛ لاستيعاب عامَّة المسلمين، وصَرْف كثير من هممهم نحو
العِلم النَّافع، والعمل الصَّالح.
فالعلماء
-وفّقهم الله وسدَّدهم- هم مصابيح الدُّجى، وأنوار الهُدى، وأعدل النَّاس بين
النَّاس، وهم أرحم النَّاس بالنَّاس، يَبْنُون حياتهم على نُور الوحيين، ويُوجهون
أفكارهم ومسارهم نحو الصَّلاح والإصلاح، والخير والفلاح. عن أنس رضي الله عنه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّمَا مَثَل الْعُلَمَاءِ، كَمَثَلِ النُّجُومِ،
يُهْتَدَى بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، فَإِذَا انْطَمَسَتِ
النُّجُومُ، أَوْشَكَ أَنْ تَضِلَّ الْهُدَاةُ»([1]).
فهم
الذين يَنْفُون عن الأمَّة المفاهيم الدَّخيلة، والأفكار الحادثة، والحِزِّبيَّات
المقيتة الهزيلة، وَيَغْرسون في المسلمين العقيدة الصَّحيحة، ومنهج السَّلف
الصَّالح، منهج الوسطيَّة والاعتدال؛ كي يَنْأوا بِأنفسهم ومجتمعاتهم عن مواطن
الزَّيغ والغُلُوِ والإفساد ومَوْجَات التَّغريب والجفاء والالحاد، والتَّنَطُع
والإرهاب.
وقبل الختام: فإني أنبِّه بأنه لا يخلو أيُّ عَمل بَشَرِيٍّ من الأخطاء والقُصور، وتلك حِكْمة الله -سبحانه- في عباده، وعليه، أرجوا من القارئ الكريم تلَمُّس المعاذير، والإغضاء عمَّا بدى في هذا الجُهد مِن
([1]) أخرجه: أحمد رقم (12600).