×
عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي الصَّحَابَةِ

فمَا حصَل من بعضِهم ما كان إلاَّ عن اجتهادٍ وتحَرٍّ للحَق، ونُصرةٍ للدِّين، ومَا فعلُوا هذا عن عَدَاوةٍ أو مَحبَّةٍ للدُّنيا أو للرِّيَاسة، فقدْ نزَّهَهُم اللهُ عن ذلك، وإنَّما اندَسَّ الأعداءُ بينَهم، وأوَّلُ من اندَسَّ بينَهم ابنُ سبأ اليَهُودِي، حيثُ حرَّضَ على عُثْمان رضي الله عنه، وانْضَمَّ إليه السُّفهاءُ من بعضِ البِلاد، ثُمَّ في النِّهايةِ جاؤُوا كأنَّهم يُريدُون التَّفاوُضَ مع عُثْمان، هذا الَّذي أظْهرُوه، وهُم يُريدُون قتلَه، وجاؤُوا لما كان الصَّحابةُ أكثرَهم في الحَج، بصِفةِ أنَّهم يُريدُون التَّفاوُضَ مع عُثْمان رضي الله عنه، كأنَّهم من رَعيَّتِه، بينَما انقَضُّوا عليه في اللَّيل، وقتلُوه شَهيدًا رضي الله عنه فانْكَشَف أمرُهم وانفَضَحتْ سَريرتُهم.

فنحنُ نتَرَضَّى عن صَحابةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ونتَرَحَّم عليهم، وندعُو لهُم ولا ندخُلُ فيمَا شَجَر بينَهم أبدًا إلا مُعتذِرِين لهُم، ولا نُخَطِّئُ أحدًا منهم.

فمِن أصولِ أهلِ السُّنةِ والجَمَاعةِ الكَفُّ عمَّا شَجَر بينَ الصَّحابةِ رضي الله عنه، ولا نَتلَمَّسُ الأخطاءَ لبعضِهم كمَا يفعَلُ المُنافِقون؛ لأنَّهم صحابةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وما حصَل منهُم فهو مغفورٌ لهُم لسَبْقتهم في الفَضْل، ولصُحبتِهم لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فنحنُ أبدًا لا نَتَلمَّسُ لهم المَعَايب، لا لجَمَاعتِهم ولا لأفرادِهم، مع أنَّ أكثرَ ما نُسِبَ إليهم لا يَصِح.

ولا نطعَنُ في خِلافةِ الخُلفاءِ بعدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقدْ ثبَتَ بالإجماعِ لأبي بكرٍ بعدَ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ مِن بعدِه لعُمَر، ثُمَّ مِن بعدِ عُمر عُثْمان، ثُمَّ من بعدِ عُثمانَ لعليٍّ بنِ أبي طالبٍ رضِيَ اللهُ عن الجَميع، وِفْقَ هذا التَّرتيب؛ ولهذا يقولُ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمية رحمه الله: «وَمَنْ طَعَنَ فِي خِلافَةِ أَحدٍ من هَؤلاء فهو أضَلُّ من حمارِ أهلِه».


الشرح