×
عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي الصَّحَابَةِ

 بالأمرِ من بعدِه ووطن الصَّحابة عندَ موتِه، وقَاتَل المُرتَدِّين، ونَفذ جيشُ أُسَامة، وشَرع في الجهادِ في سبيلِ اللهِ فبَعَث الجُيوشَ لغَزْوِ الرُّوم. وعمر بنُ الخطَّابِ رضي الله عنه الخليفةُ الثَّاني الَّذي أعزَّ اللهُ به الإسلامَ منذُ أسْلَم، قال ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه: «مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ» ([1]) ومضَى في الجِهادِ حتَّى فتحَ البلادَ ونَشرَ الإسلامَ في المَشَارقِ والمَغَارِب. وعُثْمان رضي الله عنه الخَلِيفة الثَّالث الَّذي واصَلَ الجهادَ ونَشَر الإسلامَ وجَمَع المُصحَفَ ووَحَّدَه فصَار عُمدةَ المُسلمين في كتابِ ربِّهم. وعليٌّ بنُ أبي طالبٍ رضي الله عنه الخَليفةُ الرَّابعُ وابنُ عمِّ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم وزَوْجُ ابنتِه، الَّذي قاتَلَ الخوارجَ ونصَر اللهُ به الدِّينَ وقَمَع به المَارقِين. وبَقية الصَّحابةِ الَّذين مَشوا تحتَ إمرةِ هؤلاءِ الخُلفاءِ رضِي اللهُ عن الجميعِ وأرضَاهم ورزَقَنا حُبَّهم وبُغضَ مَن يُبغِضُهم ويَتنَقَّصُهم.

ومِن حقِّهم عَلينا أيضًا أنْ لا ندخُلَ فيمَا حصَلَ بينَهم من الاختلافِ في آخِرِ الأمر، بسببِ دُعاةِ الضَّلالِ والأعداءِ الَّذينَ دَخلُوا في مُجتَمعِهم ونَشَروا الفِتنةَ ونفَّذُوا دسائِسَ اليهودِ حتَّى قُتِلَ عثمانُ رضي الله عنه الخليفةُ الرَّاشد، فشَبَّتِ الفِتنة، فلا نَدخُل فيمَا شَجَر بينَهم، ولا نُخطِّئُ أحدًا مِنهم وندْعُو لهم بالمَغْفرة؛ لأنَّ ما جَرى بينَهم كان بغيرِ اختيارِهم، وإنَّما هي فتنةٌ اشْتَعلَتْ بينَهم جَلبَها أعداءُ اللهِ ودَسُّوها بينَهم؛ ولأنَّهم مُجتهِدون، والمُجْتهدُ إذا اجتهَدَ فأصابَ فله أجْران، وإذا اجتهَدَ فأخطأَ فلَه أجرٌ واحِد، والخَطَأ مَغفورٌ بإذْنِ الله، ولِمَا لهُم من الحَسَناتِ والسَّوابقِ العظيمةِ التي يغفِرُ اللهُ بها ما يحصُلُ منهم من الخَطَأ مَغْمور بفَضْلِهم.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (3481).