×
عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي الصَّحَابَةِ

المقدمـة

****

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ وسلَّم على نبيِّنا محمد، وعلى آلِه وأصحابِه أجمعين، الحمدُ للهِ الذي أرسلَ رسولَه بالهُدَى ودينِ الحَقِّ ليُظهرَه على الدِّينِ كلِّه وكفى باللهِ شهيدًا.

بعثَ اللهُ نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم على حين فترةٍ من الرُّسل، بَينَه وبينَ آخِرِ الرُّسلِ الذين قبلَه -عيسى عليه السلام - أكثرُ من سِتُّمائة سَنة، كما قال جَل جَلالُه: {يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ عَلَىٰ فَتۡرَةٖ مِّنَ ٱلرُّسُلِ} [المائدة: 19].

على فترةٍ مِن الرُّسلِ واندِراسٍ من السُّبُل؛ لأنَّ رسالاتِ الأنبياءِ السَّابقةِ قد حُرِّفَت، وغيِّر فيها وبدِّل، ولم تَبْقَ على أصلِها، وانتشرَتِ الوثنيَّةُ وعبادةُ الأصنام، فاندرَسَتِ السُّبُل بعدَ الأنبياءِ عليهم الصَّلاةُ والسَّلام، وبعثَ اللهُ نبيَّه مُحمدًا صلى الله عليه وسلم واحدًا يُواجِه أهلَ الأرض: عَرَبهم وعَجَمهم، بل يُواجه الجنَّ والإنسَ -الثَّقَلَين-؛ لأنَّ رسالته صلى الله عليه وسلم عامة.

بعثَه اللهُ صلى الله عليه وسلم بمكةَ وحيدًا، ثمَّ إنَّه صلى الله عليه وسلم أخبرَ زوجَه خديجة رضي الله عنها بما حصَل له عندَ بدءِ الوَحي، وشَكا ما وجَدَ من الفَزَع؛ فهَدَّأَتْه رضي الله عنها وسكَّنَتْ من رَوْعِه، واسْتَدَلَّت بصفاتِه الكريمةِ أنَّ اللهَ لا يُخزِيه أبدًا، وقالت «كَلاَّ، أَبْشِرْ، فَوَاللهِ لاَ يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، فَوَاللهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ». وذهبتْ به إلى ابنِ عمِّها ورقةَ بنِ نَوْفل، وكان نَصْرانيًا قرأَ في كُتبِ التَّوْراةَ والإنجيل، وكان على الدِّينِ الصَّحيح، كان عالمًا بالكُتُب السَّابقة، فذَكَر له ما لقِي،


الشرح