×
عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي الصَّحَابَةِ

ولهذا قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمه الله في العَقيدةِ الوَاسِطيَّة: «وَمِنْ أُصُولِ أهلِ السُّنةِ والجَمَاعة: سَلامةُ قُلوبِهم وألسنتِهم لأصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم » سَلاَمةُ قلوبِهم بحيثُ يقولون: {وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ} [الحشر: 10] وسَلاَمةُ ألسنتِهم بحيثُ يقولون: {رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ} [الحشر: 10] هكذا يجِبُ أنْ يكونَ مَوقفَنا من صَحابةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأنْ نتَّبعَهم: {وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي تَحۡتَهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} [التوبة: 100].

أمَّا من يُبغِضِ الصَّحابةَ ويُكفِّرْهم ويَلعَنْهم ويَذُمهم، فهذا ليسَ من المُسْلمين؛ لأنَّه ما أبْغَضَهم لأشْخَاصِهم، وإنَّما أبْغَضَهم لصِفاتِهم وما قَامُوا به من صُحبةِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم ونُصرتِه، وحملِ هذا الدِّينِ من بعدِه، ونشرِه في المَشَارقِ والمَغَارِب، ما أبْغَضَهم إلاَّ لذلك، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ» ([1])، فالَّذي يُبغضُ الصَّحابةَ يُبغِضُ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم، واللهُ جل وعلا قال: {لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ} [الفتح: 29]، فلا يَغتَاظُ من صَحابةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ويَسُبُّهم ويَتَنقَّصُهم إلا كافرٌ أو مُنَافق، وإن كانَ يزْعُمُ أنَّه مُسلم، فالمُسلِم لا يُبغِضُ صَحابةَ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، ولا يَسبُّهم، وإنَّما يَعتقِدُ فَضْلَهم، ويَدعُو لهم، ويَتَرَحَّم عليْهم، ويُحبُّهم حُبًّا شَديدًا، لحُبِّ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم لهم، ولقولِ الرِّسولِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي


الشرح

([1])أخرجه: الترمذي رقم (3862)، وأحمد رقم (20578)، والحاكم رقم (9653).