×
عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي الصَّحَابَةِ

أي: صِفتهُم فيه، {كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطۡ‍َٔهُۥ فَ‍َٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ يُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمَۢا} [الفتح: 29]، فإنَّ الزَّرعَ يَنبُتُ ضعيفًا، على قَصَبةٍ واحدةٍ ضَعيفة، ثمَّ يَخرُجُ لهذه القَصَبة فرَاخ: {أَخۡرَجَ شَطۡ‍َٔهُۥ} [الفتح: 29]، ثُمَّ هذه الفِراخُ تَقوَى فتُساعِد الأصْلَ الَّذي هو القَصَبة الأولى. {فَ‍َٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ} [الفتح: 29] أي: تمَّ على أحسَنِ وَجْه،{عَلَىٰ سُوقِهِۦ} [الفتح: 29] هذا الزَّرع اسْتوى على سُوقِه، والسُّوق: جمعُ سَاق، كلُّ سُنْبلةٍ على سَاق، {فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ يُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارََۗ} [الفتح: 29].

هكذا نشأَ الصَّحابةُ شيئًا فشيئًا، كما قال صلى الله عليه وسلم في أولِ بَعثَتِه حينَ سألَه سائل: مَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا الأَْمْرِ؟ قَالَ: «حُرٌّ وَعَبْدٌ». فقط: أبو بكر وبِلال رضي الله عنهما ([1])، ولهذا جاء في الحديثِ قوله صلى الله عليه وسلم: «بَدَأَ الإِْسْلاَمُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» ([2]). قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنِ الْغُرَبَاءُ؟ قَالَ: «الَّذِينَ يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ» ([3]) وفي رواية: «الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ» ([4]). والغَريبُ هُو مَن يَعيشُ مع غيرِ جِنْسِه في غيرِ بلدِه، وهؤلاء الغُرَبَاء مُخَالفُوهم كثيرُون وأعداؤُهم كَثِيرون في آخِرِ الزَّمان، ومع قِلَّتِهم فإِنَّهم هُم الَّذين يَثبُتُون على الدِّين، وهذا يَدُلُّ أيضًا على أنَّ الإسلامَ نَشأ من قِلَّةٍ ثمَّ ازْدَاد العددُ حتَّى تَكَامل. ولمَّا تَكَامل تُوُفِّي الرَّسول صلى الله عليه وسلم، {ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي} [المائدة: 3].


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (832).

([2])أخرجه: مسلم رقم (145).

([3])أخرجه: أحمد رقم (16690)، والطبراني في «الكبير» رقم (5867).

([4])أخرجه: الترمذي رقم (2630).