فالواجبُ أن نعملَ بما
أوصانا به الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم في قولِه: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ
بَعْدِي».
لا نجاةَ مِن هذا الخَطَرِ إلاَّ بالتَّمسُّكِ بكتابِ اللهِ وسُنَّةِ
رسولِه صلى الله عليه وسلم، ولا تَحسبَنَّ هذا الأمرُ يحصُل بِسُهولَةٍ، لا بُدَّ
أنْ يَكُونَ فيهِ مَشقَّةٌ.
لكِن يحتاجُ إلى صَبْرٍ وثباتٍ، وإلاَّ فإنَّ المُتمسِّكَ بالحَقِّ -
خُصوصًا في آخرِ الزَّمانِ - سيُعانِي مِن المَشاقِّ، ويكونُ القابِضُ عَلَى دينِه
كالقابضِ عَلَى الجمرِ، كما صَحَّ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ([1]) والمُتمسِّكونَ
بِسُنَّةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، والسَّائِرونَ عَلَى منهجِ السَّلفِ؛
يكونونَ غُرباءَ فِي آخِر الزمانِ، كما أخْبرَ بذلك صلى الله عليه وسلم بقولِه: «فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الَّذِينَ
يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي» ([2]).
وفي روايةٍ: «الَّذِينَ
يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ» ([3]).
فهذا يحتاجُ إِلَى العِلْمِ أولا؛ بكتاب الله وسُنَّةِ رسولِه صلى الله
عليه وسلم؛ والعِلْمِ بمنهجِ السَّلَف الصَّالِحِ وما كانُوا عليه.
ويحتاجُ التَّمسُّكُ بهذا إلى صبرٍ عَلَى ما يلحَقُ الإنسانَ مِن الأذَى في
ذلك؛ ولِذلكَ يقولُ سبحانه وتعالى: {وَٱلۡعَصۡرِ ١إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ
لَفِي خُسۡرٍ ٢إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ
بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ ٣} [العصر: 1- 3].
{وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ} [العصر: 3]، هذا يدلُّ عَلَى أنَّهُم سيُلاقونَ مَشقَّةً في إِيمانِهم وعَملِهم، وتواصِيهم بالحَقِّ، سيُلاقونَ عَنَتًا مِن النَّاسِ،
([1])أخرجه: الترمذي رقم (2260)، وأحمد رقم (9073)، وابن وضاح في «البدع» رقم (191).