المقدمة
الحمدُ للهِ رَبِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ عَلَى نَبِيِّنا محمد،
وعَلَى آلِه وصَحبِه أجمعين.
أمَّا بعدُ:
فإنَّ الحديثَ عَنِ الفِرقِ ليسَ هو من بابِ السَّردِ التَّارِيخيِّ، الذي
يُقصَدُ مِنهُ الاطِّلاعُ عَلَى أُصولِ الفِرَقِ لِمُجرَّدِ الاطِّلاعِ، كما
يُطَّلَعُ عَلَى الحوادِثِ التَّاريخِيَّةِ، والوقائِع التَّاريخِيَّةِ
السَّابِقَةِ، وَإنَّما الحديثُ عَنِ الفِرَقِ له شأنٌ أعظمُ مِن ذلِكَ؛ ألاَّ وهو
الحَذَرُ مِن شَرِّ هذه الفِرَقِ ومِن مُحدثاتِها، والحثُّ عَلَى لُزومِ فِرْقَةِ
أهْلِ السُّنَّةِ والجماعَةِ.
وتَرْكُ ما عليه الفِرَقُ المُخالِفَةُ لا يَحصُلُ عَفْوًا للإنسانِ، لا
يَحْصُلُ إلاَّ بعدَ الدِّراسةِ، ومعرفةِ ما الفِرْقَةُ النَّاجِية؟
مَن هُم أهْلُ السُّنَّةِ والجماعةِ، الَّذِينَ يَجِبُ عَلَى المُسلمِ أن
يكونَ مَعهُم؟
ومن الفِرَقُ المخالفةُ؟
وما مذاهِبُهم وشُبهاتُهم؛ حتَّى يُحْذَرَ مِنها؟
لأنَّ «مَن لا يَعرِفُ الشَّرَّ يُوشِكُ أنْ يقَعَ فِيهِ»، كما قال حذيفةُ بنُ اليمانِ رضي الله عنه: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ، قَالَ: «نَعَمْ». فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ، قَالَ: «نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ». قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي
الصفحة 3 / 33