على فضل هذه الليلة
العظيمة، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحراها، قال عليه الصلاة والسلام: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا
وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ([1])، وأخبر سبحانه
وتعالى أنها تنزل فيها الملائكة والروح، وهذا يدل على عظم شأنها وأهميتها؛ لأن
نزول الملائكة لا يكون إلاَّ لأمر عظيم، ثم وصفها الله تعالى بقوله: ﴿سَلَٰمٌ هِيَ حَتَّىٰ
مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ﴾ [القدْر: 5]، فوصفها بأنها سلام، وهذا يدل على شرفها
وخيرها وبركتها، وأن من حرم خيرها فقد حرم الخير الكثير.
فهذه فضائل عظيمة
لهذه الليلة المباركة، ولكن الله بحكمته أَخْفَاها في شهر رمضان، لأجل أن يجتهد
المُسْلم في كل ليالي رمضان طلبَا لهذه الليلة فيكثر عمله ويجمع بين كثرة العمل في
سائر ليالي رمضان مع مصادفة ليلة القدر بفضائلها وكرائمها وثوابها، فيكون جمع بين
الحُسْنَين، وهذا من كرم الله سبحانه وتعالى على عباده.
وبالجملة: فهي ليلة عظيمة
مُبَاركة، ونعمة من الله سبحانه وتعالى، تمر بالمسلم في شهر رمضان، فإذا وفق
باستغلالها واستثمارها في الخير، حصل على أجور عظيمة، وخيرات كثيرة، هو بِأَمَسِّ
الحَاجة إليها.
**********
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1901)، ومسلم رقم (760).
الصفحة 43 / 590