لليلة القدر، ثم في آخر حياته صلى الله عليه وسلم صار يعتكف في العشر
الأواخر من رمضان، لما تبين له أن ليلة القدر تُرجي في العشر الأواخر، واعتكف معه
نساؤه عليه الصلاة والسلام، فالاعتكاف عبادة عظيمة، وهو المكث في مسجد من المساجد،
لأجل عبادة الله وحده لا شريك له، بالصلاة وتلاوة القرآن، وذكر الله عز وجل،
والتفرغ لذلك من أعمال الدنيا، والاشتغال بالله سبحانه وتعالى، هذا هو الاعتكاف،
وهو مشروع في كل وقت، ولكنه لا يشرع إلاَّ في مسجد تصلى فيه صلاة الجماعة، لقوله
تعالى: ﴿وَأَنتُمۡ
عَٰكِفُونَ فِي ٱلۡمَسَٰجِدِۗ﴾ [البقرة: 187]، أما أن يعتكف الإنسان في بيته، أو في
مسجد مهجور، لانتقال أهله من حوله، ولا يصلي فيه، فهذا لا يجوز للمسلم، لأنه منقطع
بذلك عن صلاة الجماعة، فلا يشرع الاعتكاف إلاَّ في مسجد صلى فيه صلاة الجماعة
وبالله التوفيق.
يقول السائل: قد
يحتاج المعتكف في رمضان لشراء طعام وغيره، فيتصل بأصحاب محلات بيع الطعام من داخل
المسجد، فهل هذا من البيع والشراء المحرم في المسجد؟
إن كان يقول أحضر لي
عشاء بعشرة ريال، أو بعشرين ريال، ويتفاوض معه، هذا من البيع والشراء، أما إذا قال
أحضر لي عشاء وبعدين يحاسبه ولا يسأله عن القيمة، ما في بأس، هذا من الحاجة.
يقول السائل: هل
يلزم المعتكف أن يعتكف في المسجد الذي بجوار منزله، أم له أن يعتكف في أي مسجد
شاء؟
هو مخيّر، له أن يعتكف في أي مسج يرى أنه أحسن له، يختار المسجد الذي يرى أنه أحسن له من البلد.