****
ثانيًا: فإذا تعلمنا
القرآنَ وأجدْنا النطقَ به وأجدْنا أداءَه، فإن هذا لا يكفي، بل يجبُ أن نتعاهدَ
قراءَته وتلاوتَه؛ لأن تلاوتَه عبادةٌ وفيها أجرٌ كبير، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ
فَلَهُ حَسَنَةٌ، والْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لا أَقُولُ: آلم حَرْف.
وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلاَمٌ حَرْف، وَمِيمٌ حَرْف» ([1])، وقال صلى
الله عليه وسلم: «تَعَاهَدُوا القُرْآنَ،
فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنَ الإِبِلِ فِي
عُقُلِهَا» ([2]). والمقصودُ:
أكثروا من تلاوةِ هذا القرآن، فالإنسانُ إذا غفلَ عن القرآنِ، ومضى عليه مدةٌ وهو
لم يتلُ؛ يُصابُ قلبُه بالإعراضِ والغفلةِ والقسوة، أما إذا أكثرَ من تلاوتِه فإنه
يُحْيي قلبَه ويُجْلي ذاكرتَه.
ولهذا ينبغي للمسلمِ
أن لا يمرَّ عليه شهرٌ -على الأقلِ - إلا وقد قرأ القرآنَ كلَّه - هذا هو الحدُّ
الأخير -، وإن قرأه فيما هو أقل من ذلك في كلِّ عشرةِ أيامٍ مرة بحيث يختمُه في
الشهرِ ثلاثَ مراتٍ؛ فهذا حسن، وإذا قرأه في كلِّ سبعة أيام فهذا أحسن، وإذا قرأه
في كل ثلاثة أيام مرة فهذا أحسن.
فإنه كلَّما زادَ من تلاوةِ القرآنِ زاد أجرُه واستنارتْ بصيرتُه وحياةُ قلبِه.
الصفحة 1 / 28