×

 التَّدبرُ والتَّفكرُ

في معاني القرآنِ وأسرارِه

****

ثالثًا: لا يكفي منا أن نتعلمَ القرآنَ الكريمَ وأن نتلوه ونُكثرَ من تلاوتِه، لا يكفي هذا؛ بل لا بد من التدبرِ والتفكرِ في معانيه وأسرارِه، وما عرفنا به من أسماءِ اللهِ وصفاتِه وعظمتِه، وما قصَّهُ علينا من أخبارِ الأممِ السابقةِ المؤمنين والكافرين، وما حلَّ بالمكذبين والمجرمين، وما أكرم اللهُ به المؤمنين الطائعين.

وكذلك نتدبرُ أخبارَه عن اليومِ الآخرِ وما فيه من الحسابِ، وما فيه من وزنِ الأعمالِ، وما فيه من تطايُرِ الصحفِ، وما فيه من الجنةِ والنارِ، وما فيه من الأهوالِ العظيمةِ.

وكذلك نتدبرُ ما يكونُ بعدَ الموتِ وما يكونُ في القبر، ولقد ذكر لنا القرآنُ هذا مفصلاً، وهو أمرٌ مستقبل نحن قادمون عليه، من أجلِ أن نستَعِدَّ له بالأعمالِ الصالحةِ، ونتجنبُ الأعمالَ المُحَرَّمة.

وكذلك نتفكرُ في أحكامِه الشرعيةِ، فقد بيَّن ما يحِلُّ لنا ويَحرُم علينا، وما ينبغي لنا وما لا ينبغي لنا من الأفعالِ والصفاتِ وغير ذلك، قال اللهُ سبحانه وتعالى: {كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} [ص: 29]، فبيَّنَ اللهُ في هذه الآيةِ الهدفَ من إنزالِ القرآنِ، وهو أن نتدبرَ آياتِه، بمعنى أن نتفكرَ في معانيها ومدلولاتِها وأسرارِها وأخبارِها؛ حتى نستفيدَ منها الهدايةَ، ونستفيد منها خشيةَ اللهِ سبحانه وتعالى وعبادتَه وحدَه لا شريكَ له، ونعرف ما نأتي وما نترك من الأعمالِ والأقوالِ والمعاملاتِ وغير ذلك، ولا يتم هذا ولا يحصلُ إلا بتدبرِ القرآن.


الشرح