×

 العمل بالقرآن

****

رابعًا: لا يكفي منا أن نتعلمَ القرآنَ وأن نتلوَ القرآنَ وأن نتدبرَ القرآنَ؛ بل لا بدَّ من الأمرِ الرابعِ وهو العملُ به، بمعنى أن نُحِلَّ حلالَه ونُحرِّمَ حرامَه، ونتقيدَ بأوامرِه ونتجنبَ ما نهانا عنه.

وهذا هو المقصودُ، وما سبق من تعلُّمِه وتلاوتِه وتدبرِه كله وسيلةٌ إلى العمل؛ أما إذا اقتصرنا على التلاوةِ والتدبرِ وتركنا العمل، فإننا وقفنا في أولِّ الطريقِ ولم نحصلْ على شيءٍ، وصار تعبُنا لا فائدةَ منه؛ لأننا أتعبنا أنفسَنا في السببِ وتركنا الثمرة، لأن الثمرةَ هي العملُ بالقرآن.

قال سبحانه وتعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتۡلُونَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ يَرۡجُونَ تِجَٰرَةٗ لَّن تَبُورَ ٢٩لِيُوَفِّيَهُمۡ أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ غَفُورٞ شَكُورٞ ٣٠} [فاطر: 29- 30]، فهذه الآيةُ دلَّت على أنهم لم يقتصروا على التلاوةِ، بل أقاموا الصلاةَ بعد أن قاموا بتلاوةِ كتابِ الله، وكذلك أنفقوا مما رزقهم اللهُ بإيتاءِ الزكاةِ والصدقاتِ والإحسانِ إلى المخلوقين؛ وهذه هي ثمرةُ التلاوةِ وهي العملُ بما فيه؛ لأنك إذا عملت به صار حجةً لك عند اللهِ سبحانه وتعالى، وإذا عطَّلتَ العملَ به صار حجةً عليك، قال صلى الله عليه وسلم: «والقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْك»  ([1]). يسألُكَ اللهُ عنه يومَ القيامةِ فيقولُ سبحانه وتعالى: {أَلَمۡ تَكُنۡ ءَايَٰتِي تُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ} [المؤمنون: 105]، {قَدۡ كَانَتۡ ءَايَٰتِي تُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡ فَكُنتُمۡ عَلَىٰٓ أَعۡقَٰبِكُمۡ تَنكِصُونَ} [المؤمنون: 66].


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (223).