شَهِيدٗا} [النساء: 41] فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «حسْبُك. قال: فالتفَت إليه -يقولُ عبدُ
اللهِ بنُ مسعود رضي الله عنه - فإذا عيناه تذرفان» ([1]). فدلَّ هذا
على أنه يُشرعُ للمستمعِ للقرآنِ أن يخشعَ ولا يكونُ مقصودُه هو التلذذُ فقط؛ بل
المقصودُ الخشوعُ من كلامِ اللهِ سبحانه وتعالى.
قال اللهُ تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ ٱلۡقُرۡءَانُ
فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} [الأعراف: 204]، وهذا من آدابِ المسلمين مع القرآن:
الاستماعُ والإنصات؛ أما الذي يقرأُ القرآنَ أو يستمعُ للقرآنِ لمجردِ التلذذِ به
فقط؛ فهذا لا يستفيدُ شيئًا، إنما الذي يستفيدُ هو الذي يخشعُ من كلامِ اللهِ سبحانه
وتعالى، هو الذي يَفقهُ ويتَفقَّه معانيَ كلامِ اللهِ سبحانه وتعالى، هو الذي
يعملُ بكلامِ اللهِ سبحانه وتعالى، هو الذي يقرأُ القرآنَ أو يستمعُ للقرآنِ
احتسابًا لوجهِ اللهِ سبحانه وتعالى، لا من أجلِ الرياءِ والسُّمعةِ أو تحسينِ
الصوت أو التلذذ بالأصوات؛ فهذا كلُّه لا يَكفي ولا يُفيدُ الإنسانَ شيئًا ما لم
يتصفْ بهذه الصفاتِ العظيمة.
هذا، وأسألُ اللهَ
سبحانه وتعالى أن يجعلَنا وإياكم من أهلِ القرآنِ الذين يتلونَه حقَّ تلاوتِه،
ويتدبرونه حقَّ تدبرِه، ويعملون به ويُخلصون للهِ سبحانه وتعالى أعمالَهم، إنه سميعٌ
مُجيب.
***
([1])أخرجه: البخاري رقم (5049)، مسلم رقم (800).
الصفحة 3 / 28